الاثنين، 18 يونيو 2012
الخميس، 14 يونيو 2012
الأسرة المسلمة.. ومحاولات تفكيكها
| |||
شَرَعَ اللهُ عزَّ وجلَّ نظامًا محكمًا للبناء المجتمعي القيمي في الإسلام، فشَرَعَ لكلِّ شيءٍ منهجًا وسبيلًا, وترك التفاصيل -على الأغلب- لأهل الزمان؛ فيفقهون المنهج والطريق، ويسعون لإحلال شرع الله ورضاه في الأرض ليكونوا خلفاء فيها.
إلا أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ فصَّلَ في شيءٍ واحد تفصيلًا شديدًا، فلم يترك فيه إلا القليل للسنة المطهرة, ثم أقل من ذلك للاجتهاد. ذلك الأمر هو "الأسرة"، فالأسرة هي نواة المجتمع في التشريع الإسلامي، ففصَّلَ الله عزَّ وجلَّ في التشريع القرآني عن الأسرة، بينما أحالَ الكثيرَ من كليَّات الدين إلى السنة المطهرة، وفي هذا عبرة لمن أراد أن يعتبر..! وقد تضمَّنَ التشريع القرآني أحكام الزواج والطلاق والمواريث والرضاع، بل إنَّ الشرع العظيم وصل بذلك إلى حدِّ تحديد فترة الرضاع. وتنشأ عن الأسرة في الإسلام مفاهيم شديدة الخطورة والأهميَّة تتعلَّقُ بالعلاقات المجتمعيَّة التي بالضرورة والإلزام تُؤدِّي إلى مفاهيم قيميَّة وثقافيَّة أخرى، فعلى سبيل المثال كلمة الرَّحِم وما يقصد به في السياق التشريعي "أنَّ الرَّحِم هو مجموع العلاقات الشرعيَّة التعبديَّة التي تنشأ عن زواجٍ شرعيٍّ وما يترتب عنه من نسلٍ". ودليلُ ذلكَ أنَّ ابن الزنى لا يُلحَقُ بوالدِهِ شرعًا، بل يُلحَق بِأمهِ ضرورةً، على الرغم من أنَّه ابن أبيه بيولوجيًّا، فتتبين أنَّ العلاقات الرحِمية تعتبر باعتبار الشرع, وتبدأ من اللحظة التي يتم فيها زواج شرعي قائم على سنة الله ورسوله (1). بل إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد قرن الأسرة بأصلِ التوحيد, فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاس اتَّقوا رَبَّكُم الَّذي خَلَقَكُم مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ منها رِجَالاً كثيرًا ونساءً واتَّقُوا الله الَّذي تَسَآءَلُونَ بِهِ والأَرْحَام إنَّ الله كان عليكم رقيبًا} [سورة النساء: 1]. ويوضّح أهميَّة الأسرة أيضًا ما حدث في روسيا ودول أوروبا الشرقية ذات الأغلبية المسلمة التي حُكِمَت على مدار قرون بالحكم الشيوعي الإلحادي الرافض لأي تصالح مع أي دين أو حتى قيمة دينية؛ حيث كانت الأسرة المسلمة هي رماد العنقاء الذي ينبعث من تحت الرماد فيقوم طائرًا مكتمل البنيان بقوته، فَنَهَضَت تِلكَ الأُسَر بَعْدَ زوالِ ذلكَ الحُكمُ المُلحِدَ لتكون كما كانت أسرًا مسلمةً، لم يحفظها إلا التمسك بالتشريع الإسلامي في الأسرة والقيم الإسلامية الأسرية. معول الهدم! اليوم وفي هدوءٍ تام, وعلى مدار سنوات طويلة تجري محاولاتٍ لتفكيك مفهوم الأسرة وقيمتها من المجتمع، في تعدٍ على الأدوار والمهام، وتقليل من قيمة المرأة على مستوى المقام. وإنني إذ أهتم بمجال الإعلام فإنَّني أحاول أنْ أرصد بعض الممارسات الإعلاميَّة التي تبدو بريئة جدًا إلا أنها في الحقيقة ترسب مجموعة من القيم اللاأسرية، وسأتحدث بشكل عام ثم أخصص. فاصطحاب الرجل لمرأة لا تحل له وفعل ما يحلو لهما تحت اسم الحب شيء لا ضرر فيه؛ على الرغم من أن هذا الفعل شرعيًا لا يطلق عليه أي شيء إلا "زنا"..! أرجو أن تحصوا كم الأفلام التي تعرض مثل هذه المشاهد ومقدماتها تحت أي اسم غير اسم الزنا.. نعم قد لا يقبل بناتنا وأبنائنا أن يقوموا بمثل هذا الفعل الآن، إلا أنه يصبح عاديًا.. يصبح العشيق والعشيقة والحبيب والحبيبة أمرًا معتادًا بدون أي رابط شرعي ويحل لهما كل شيء تحت اسم الحب.. ومسكين والله هذا الحب الذي يدنسونه في كل لقطة ومنظر مثل هذا..! شاهدوا واحصوا كم مرة يعرض فيها خيانة الزوج لزوجته وخيانة الزوجة لزوجها ويصبح الأمر مبررًا وعاديًا أيضًا تحت اسم الحب ولا تعليق..! يقول الممثل لزميله "بحبها..أعمل ايه؟!"؛ أي أن الحب مبررٌ للخيانة والفجور.. كم من مرة ظهرت المرأة متجبرة متكبرة على زوجها، لا تتوانى عن سبه وضربه وشتمه إن اقتضى الأمر, بشكلٍ مقزِّز يُثير الاشمئزاز، ثم نموذج آخر للمرأة العاملة الكادحة بصفتها نموذجًا مثاليًّا للمرأة كما ينبغي، أما المرأة كأم فهي غير موجودة وإن وُجِدَت فهي الفاشلة المظلومة المهضوم حقها. ونضيف إلى ذلك الأسر المفككة التي لا حصر لها، والعلاقات غير الشرعيَّة التي لا تعد في المسلسل أو الفيلم الواحد، بل إن الطبيعي الآن أن يكون الزواج عن حب, فالفتاة لا بد أن تعيش قصة حب "في الحرام" مع من ستنتقل معه للحلال بعد فترة معتبرة بلا إطار شرعي يؤطر للعلاقة، وهذا ليس تجريمًا للحب بل تجريم لأي فعل خاطئ يخالف الشرع! وهذه المشاهد وغيرها لا تحمل إلا رسالة بسيطة، نصها: "عزيزتي المرأة: إمَّا أنْ تكوني أمًا مظلومة.. أو عاملة قوية منصورة!"، ولا جمع بين الأمرين.. زهرة! مسلسل درامي مثل "زهرة وأزواجها الخمسة"، وفيه امرأة تتزوج خمس مرات، وكلها زواجات فوق بعضها، ومن أجل الحبكة الدرامية فإنَّه يبرر ذلك بعدم علمها بأنها مازالت على ذمة كل واحد من أزواجها! زهرة سيدة أعمال تسافر هنا وهناك، على الرغم من وجود طفلين لا يأتون في السياق الدرامي إلا نادرًا جدًا! العجيب أن زوجها الثاني بعد زواجها من اثنين بعده حين سأله صديقه "أتقبل زواجها بعد أن تزوجت اثنين؟"، فيجيبه: "وماله.."! فالمسلسل لا يُجرِّمُ كثيرًا تعدد العلاقات على الرغم من اعترافه بخطئها، أي أنَّه وفي المستقبل سنرى مثلما نرى في المجتمعات الأجنبية من تعدد علاقات تحت اسم الشريك في السكن والعشيق واختفاء تدريجي لمؤسسة الأسرة أما الأطفال فحدث ولا حرج عن مصيرهم المظلم..! هذا المسلسل وغيره كثير يتفق مع ما وَقَّعَت عليه مصر والعديد من البلدان العربية من اتفاقيات تقضي بحرية المرأة الكاملة في جسدها، حيث يصبح من حقها العلاقات المتعددة والإجهاض وغيره من الأشياء المحرمة تحريمًا كاملًا ومغلَّظًا.. وهو ما صرَّحَت به إحدى المسؤولات النسائيَّات في مصر بقولها: "إنَّ المسلسلات والمنتجات الإذاعية والتلفزيونية تساهم في تقبل الشعب المصري بالتدريج لاتفاقيات مؤتمر بكين واتفاقيات المساواة والمرأة بالإضافة إلى التعديلات في القوانين.." إلى آخره. ومن تلك التعديلات التي قصدتها المسؤولة (2): إلغاء قوامة الرجل في الأسرة، إلغاء رب الأسرة، إلغاء ولاية الأب على ابنته البكر في الزواج، تجريم التعدد، رفع سنّ الزواج وفي نفس الوقت تيسير الاعتراف بالاقتران السري وإعطاء النسب لأبناء الزنا، المساواة في المواريث، نزع سلطة الطلاق من الرجل وإعطائها للقضاء، إعطاء الزوجة حرية السفر والتنقل بدون إذن الزوج، رفع سن حضانة الأم المطلقة لأبنائها ومن ثم حرمانهم من رعاية الأب، التضييق على الآباء في رؤية أبنائهم في حالة الطلاق. ومنها أيضًا؛ ابتداع جريمة "الاغتصاب الزوجي" وفرض عقوبات تصل إلى السجن والغرامة المالية، الخط الساخن للنساء، الخط الساخن للأطفال… وغيرها الكثير من التعديلات القانونية التي أُدخلت على قوانين الأسرة والأحوال الشخصية في العالم العربي، والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى تضييق السبيل إلى الزواج الشرعي، وفتح الباب على مصراعيه أمام الزنا والعلاقات المحرمة. ناهيك عن إدماج ما يسمى بـ"حقوق المرأة" و"المنظور الجندري" أو "النوع الاجتماعي" في مناهج الدراسة من خلال "حقوق الإنسان"، وهي تحمل نفس الفكر المشوه، والخطير، والذي يستند بالأساس إلى إلغاء كافة الفوارق بين الرجل والمرأة، واعتبار أي فارق بينهما سواء في الأدوار أو التشريعات "تمييزًا ضدّ المرأة" يجب إلغاؤه والقضاء عليه! أروى الطويل |
| |||
لا إله إلا الله
هي كلمة الإسلام الأولى التي دعا الله إليها جميع الخلق، وكل البشر وخاطب بها العقول والقلوب، وبث أدلتها في السماء والأرض، وسوف يحاسب عليها الناس أجمعين في يوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين. وكلمة التوحيد هي التي رفعت مقام الإنسان، ووضعته موضع التكريم الذي خصه الله به في كتابه حين قال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70]. وهي التي حررته من عبادة الإنسان، والحيوان، والجماد، وغير ذلك من المعبودات التي ازدحمت بها الحياة قديمًا وحديثًا، وجعلت عبادته خالصة لله وحدة لا شريك له. قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]. وقد حررت عقيدة التوحيد الإنسان مما يلي: (ا) حررته من العبودية لغير الله تعالى: فمن يعتقدها ينخلع من كل ولاء للجاهلية ويعطي ولاءه كاملًا للقيادة المسلمة، ويتمرد على كل قانون غير قانون الله، وشرع غير شرعه، وهذا يجعله يتحرر من عبادة العباد ليكون عبدًا لرب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، وتتكون لديه الشخصية الإسلامية المستقلة التي تجعل الأفكار سلوكًا في واقع الحياة. (ب) حررته من الخوف على الرزق والأجل: وذلك لأنها تغرس في قلب المؤمن من أول لحظة، أن الرزق مقدر من عند الله، وأنه لا يزيد ولا ينقص لا يزيد بالجبن والخوف والقعود عن الجهاد وعن قول الحق، ولا ينقص بالشجاعة والإقدام والجرأة في الحق. إلى جانب ذلك فإن هذه العقيدة تقرر أن الأجل مقدر أيضًا، فلا يزيد ولا ينقص، لا يزيد بالخوف والابتعاد عن المعارك، ولا ينقص بالشجاعة وخوض غمار الحروب. قال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]. {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78]. {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: 38]. وحين تتفاعل هذه العقيدة في نفس صاحبها، ويعتقد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فإن هذا يجعله قويًا لا يخشى في الله لومة لائم، ولا سجن طاغية، ولا ظلم مستبد، ويتحرر بذلك من كل خوف على الرزق والوظيفة، ويعيش عزيزًا بإيمانه، مستعليًا بإسلامه، قويًا بالله؛ لأنه يلوذ به ويحتمي بحماه. (ج) حررته من الشح والبخل: حيث نفثت في روعه أن المال الذي في يده هو مال الله، فإذا تصرف فيه فعليه أن ينفقه في طاعة الله سبحانه، ويقوم بأداء حقوق الفقراء والمساكين والأقارب والأرحام التي رتبها الله في ماله. تقوده هذه العقيدة إلى الاعتقاد بأن الصدقة تبارك المال وتنميه، وتكون سببًا في نيل رضوان الله تعالى، وحين تخالط هذه العقيدة قلب الإنسان تجعله يتحرر من الشح الذي يغزو القلوب والنفوس الضعيفة، ومن الأدلة الناصعة على ذلك، ما حدث للأنصار حين اعتنقوا هذه العقيدة، حيث أشركوا إخوانهم المهاجرين في أموالهم ودورهم، وكل ما يملكون، فاستحقوا المدح من الله في كتابه الكريم حيث قال: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]. (د) حررت نفسه من الجزع والظلم والأنانية: إن الإنسان إذا انسلخ من هذه العقيدة يعود كالحيوان، لا تقيده قيم، ولا ينضبط لمقياس، ويصبح همه إشباع غروره وشهواته، فيظلم الناس، ويفتري عليهم. ولقد وصل ظلم الإنسان لأخيه الإنسان في الجاهلية إلى درجة مؤلمة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا» [صحيح البخاري]، انصره سواء كان على حق أو كان على باطل. وفي العصر الحاضر نجد الرأسمالية تمتص دماء الطبقة العاملة، والشيوعية تسفك دماء الطبقة المالكة، وتستولي على أموالهم وممتلكاتهم زورًا وبهتانًا. ونجد الدول القوية تستولي على خيرات الدول الضعيفة تاركة إياها نهبًا للفقر والجوع والبؤس. أما حين تسود العقيدة الإسلامية (عقيدة التوحيد) وتستقر في النفوس فإنها تحررها من الجشع والأنانية والظلم، بل إن هذه العقيدة تدعو في جملتها إلى إنقاذ المظلومين والدفاع عنهم، ونشر العدل في ربوع العالمين. (هـ) حررت عقله من الخرافات والأوهام: تغرس هذه العقيدة في نفوس الناس أن النافع والضار هو الله، والمحيي والمميت هو الله، فلذلك لا استعانة ولا لجوء لغير الله سبحانه، بل تعتبر شريعة الإسلام هذه الاستعانة بغير الله شركًا، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله» [صحيح، سنن الترمذي (2516)]. ولقد حرم الإسلام الأدعية التي تستعين أصحابها بالجن أو الأولياء أو الصالحين، أو المرسلين، كما حرم التمائم، ونهى عن تصديق العراف والكاهن أو السعي إليهم، واعتبر ذلك كفرًا، قال صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهنًا فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» [إسناده صحيح، الألباني –الإيمان لأبي عبيد- (77)]. فأي خرافة أعظم من أن يعتقد الإنسان النفع الضر، من شجر أو حجر، أو حدوة فرس كما يفعل بعض الجهلاء في هذه الأيام. من هذا نعلم أن كلمة التوحيد لها أثر عظيم، فقد حررت صاحبها، من أن يعبد غير الله أو يتجه إلى أحد سواه. وحررته من سطوة المال والبنين والأزواج... ومن الخوف على أجله ورزقه... ومن الجزع وعدم الرضا بقضاء الله وقدره... ومن الغفلة وعدم مراقبة الله وخشيته... ومن التوكل على غيره والاعتماد على سواه... ومن الذلة والضعف والقعود عن الجهاد... ومن كل ما يسيء إليه وإلى المجتمع، وإلى الإنسانية كلها، وأرادت له أن يكون عقيدة تمشي على الأرض، ودعوة صالحة تتحرك في شعاب الحياة. من كتاب العقيدة للصف الأول دار القرآن/ الكويت |
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)