عصافير المخابرات الصهيونية
إعداد: محمود مطر
مـقــدمــة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا وقائدنا للأبد، إبن عبد الله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعــد:
إن من الواجب علينا كمسلمين عامة، وأهل فلسطين بشكل أخص، ونظراً لواقعنا الذي يشهد صراعاً بين الحق والباطل منذ زمن بعيد وحتى يشاء الله، هذا الصراع بين أصحاب الحق أهل فلسطين، وبين الباطل المتمثل بأعداء الدين بني صهيون ومن لف لفيفهم، وكان لهم عوناً وسنداً، كان الواجب أن يحصن أهل الحق أنفسهم، ويثقفوا ذاتهم، ويكونوا دائماً على أهبة الإستعداد لمواجهة أهل الطغيان والفساد أينما كانوا على أرض الله عز وجل.
لقد دأب العدو الصهيوني منذ احتلاله لأرض فلسطين وحتى هذه اللحظة على اتخاذ أسلوب الإعتقال والسجن كوسيلة ينتهجها لإضعاف عزيمة أهل فلسطين كافة، وثنيهم عن الإستمرار على طريق الجهاد في سبيل الله، فقد اعتقل الآلاف من الرجال والنساء، والشيوخ والأطفال، لذلك يكاد لا يخلو بيت من بيوت فلسطين إلا وقد ذاق مرارة السجن والظلم، وتعد فئة الشباب هي الأكثر تعرضاً للإعتقال، لذلك فإن الشاب الفلسطيني مستهدف لأن يعتقل في أية لحظة كانت، ولأقل الأسباب التي يدعيها الإحتلال.
ونظراً لأن الإعتقال هو مرحلة إستثنائية خطيرة في حياة الشاب الفلسطيني، كان لزاماً وحتماً على كل فلسطيني أن يتمتع بوعي أمني عالٍ جداً، وأن يهيئ نفسه ويثقف ذاته بالعلم والمعرفة، ومطالعة وقراءة كل ما يتعلق بما وراء القضبان، وأن يكون على دراية تامة بما يجري داخل أقبية تحقيق المخابرات الصهيونية، كي يحسن التصرف إذا ما تعرض للإعتقال مستقبلاً، ويتمكن من تخطي مرحلة الإعتقال بنجاح تام دون أن يوقع نفسه في غياهب السجون، ولا يلحق الضرر بنفسه وبغيره من الأهل والأصدقاء.
ولأهمية كل ما تقدم، فإني أضع بين يديكم نتاج وخلاصة ما مررت به من تجربة شخصية واقعية من داخل أسر بني صهيون، آملاً أن ينفعكم الله عز وجل بها، كما وأضع هذه الكلمات أمانة في عنق كل من يقرأها بأن يأخذها على محمل الجد، وأن يفيد بها غيره، كي يعم بيننا وعي أمني أفضل بغية الحفاظ على أنفسنا ووطنا.
والله من وراء القصد
والحمد لله رب العالمين
المؤلف
تجدر الإشارة إلى أن أغلب الفلسطينيين، يعرفون " العصافير" وأساليبهم الخبيثة، إلا أن المذهل في الأمر هو أن كل الفلسطينيين وربما بنسبة تربو على 99% منهم ممن تعرضوا للإعتقال للمرة الأولى في حياتهم على يد العدو الصهيوني ، قد كانوا ضحية لأولئك " العصافير".
- أولاً: من هم العصافير؟
" العصافير": هو لقب يطلق على أولئك الذين سقطوا في شرك الإحتلال الصهيوني ومخابراته، وقبلوا على أنفسهم أن يخونوا الله ورسوله والذين آمنوا، وأن يخونوا دينهم ووطنهم وشعبهم، ورضوا بأن يعملوا داخل أقبية التحقيق وجدران السجون والمعتقلات الصهيونية لصالح المخابرات الصهيونية، وذلك بغرض إيقاع المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، والحصول على معلومات أمنية تخدم الأجهزة الأمنية الصهيونية المختلفة، فأصبح هذا اللقب متعارفاً عليه قديماً وحتى الآن، وإن كنا نجهل سبب إطلاق هذه اللقب – أي "العصافير" – عليهم.
*إذاً فـ "العصافير" باللغة البسيطة والدارجة بين الناس هم خونة ، وجواسيس، وعملاء للإحتلال.
- ثانياً: كيف أصبحوا عصافير؟
" العصفور " هو شخص عادي كأي مواطن فلسطيني يعيش بيننا، وربما قام بأعمال ونشاطات وطنية لخدمة الوطن قبل اعتقاله، ولكنه عندما تعرض للإعتقال من قبل الإحتلال، وأصبح أسيراً لديهم، عندها قام الإحتلال وضباط التحقيق بتقديم عرض لهذا المعتقل بأن يعمل معهم ويخدمهم، مقابل أن يقوموا بتخفيف مدة اعتقاله، فمثلاً بدلاً من أن يسجن لمدة عشرين عاماً، تخفف تلك المدة لبضع سنوات مقابل موافقته على العمل والتخابر معهم، إذاً هو أسير يقضي مدة محكوميته بالسجن.
لذلك فإن أي فلسطيني قد يتعرض للإعتقال مستقبلاً، فهو مرشح بأن يقدم له الإحتلال عروضاً للعمل معه، وأن يضغط عليه بشتى الطرق والوسائل سواءاً تلك التي ذكرت أو غيرها من الأساليب الخبيثة التي يلجأ إليها العدو الصهيوني،ولكن الفيصل هنا هو أنه لا يمكن لأي شخص مهما كان، ومهما كانت ظروف إعتقاله، وحجم الضغط الممارس عليه بأن يقبل بتلك العروض المخزية ، ولكن ذوو النفوس الضعيفة الدنيئة، وأصحاب الضمائر العفنة، هم فقط من يرضخ لتلك المحاولات والضغوط، وبالتالي تأتي الموافقة منهم أنفسهم، ويرضوا بأن يكونوا خونة وعملاء وأداة يستعملها العدو ضد وطننا ومجاهدينا.
- لذلك فإن الأمر في النهاية يرجع لمن يتعرض لتلك الإغراءات لإسقاطه، فإما أن يرفض كحال السواد الأعظم من الأسرى الفلسطينيين، وإما أن يوافق، وعندها تقع الكارثة الكبرى.
ثالثاً : لماذا العصافير؟
لطالما إدعى الإحتلال الصهيوني بأنه يملك أجهزة أمنية قوية، وأن لديه جهاز مخابرات أسطوري لا نظير له، ومؤسسة عسكرية قوية وقادرة على تنفيذ المهمات المستحيلة مهما بلغت درجة صعوبتها، ولكن ما الذي يدفع العدو الصهيوني لأن يلجأ إلى "العصافير" كوسيلة يستخدمها لتحصيل معلومات أمنية من الأسرى الفلسطينيين؟
- الجواب :
دأب العدو الصهيوني لسنوات طويلة إلى اللجوء للتعذيب الجسدي والنفسي، وممارسة مختلف الأساليب المجحفة بحق الأسرى الفلسطينيين، كي ينتزع منهم الإعترافات أثناء التحقيق معهم، ولكن توصل الإحتلال - كما يدعي ضباط التحقيق- إلى قناعة عدم نجاعة التعذيب الجسدي بحق الأسرى، فالأسير حين يتعرض لذلك التعذيب يرغم على الإعتراف بأمور لا علاقة له فيها من قريب ولا بعيد، وذلك كي يتخلص من سياط الجلاد الصهيوني ذو النفس الإجرامية العاشقة لسفك الدماء وتعذيب الآدميين.
لذلك يلجأ الإحتلال إلى "العصافير" كوسيلة خبيثة ومخادعة لإنتزاع الإعترافات والمعلومات التي يريدها من الأسرى الفلسطينيين، دون حاجة لأن يمارس عليهم التعذيب الجسدي، ولكن من المهم الإشارة هنا إلى أن التعذيب الجسدي ما زال مستمراً عند الإحتلال بموازاة التعذيب النفسي الذي يمارس ضد الأسرى، لذلك كان وما زال ما يسمى بالتحقيق العسكري مستمراً لغاية الآن، وإن كان بصورة أقل بكثير عما كان عليه سابقاً، وهذا ربما يعزى إلى حرص الكيان الصهيوني في الترويج لنفسه بأنه يحافظ ويحترم حقوق الإنسان كما يدعي، وهذا يخدم الإحتلال لدى الرأي العام العالمي.
وخير دليل يكشف زيف ذلك الإدعاء ما حدث مطلع العام 2013م، حيث إستشهد الأسير عرفات جرادات، إبن مدينة الخليل، بعد إعتقاله بعدة أيام، حيث كشفت الفحوصات الطبية عن تعرضه للتعذيب على أيدي الإحتلال، أو ربما على أيدي ما يعرف بـ " العصافير"، كما أشارت إليه بعض المعلومات، وإن كانت غير مؤكدة.
ويلجأ الإحتلال الصهيوني بضباط تحقيقه، وأجهزته الأمنية، والمخابراتية، إلى إستخدام " العصافير" كأسلوب جديد إبتكره الإحتلال بعد أن يفشل ضباط التحقيق بانتزاع الإعترافات من الأسرى الفلسطينيين، أثناء تواجدهم في مراكز التحقيق التابعة للمخابرات الصهيونية، وبالتالي يقوم الإحتلال بالتغطية على عجزه وفشله في ذلك عن طريق إستخدام حيلة " العصافير" التي تنطلي وللأسف على نسبة عالية جداً من الأسرى الفلسطينيين ذو التجربة الأولى من الإعتقال، وسنأتي على شرح ذلك بالتفصيل لاحقاً بإذن الله.
رابعاً : كيف تعمل "العصافير"؟
يعتمد الإحتلال على "العصافير" كأسلوب فعال أثبت نجاحه بنسب كبيرة، لتحصيل المعلومات التي يحتاجها من المعتقلين، وبالأخص أولئك الذين يعتقلون للمرة الأولى في حياتهم، لكونهم عديمي الخبرة، وليس لديهم خبرة سابقة في الإعتقال والأسر، ولكن هذا لا يعني أن من يتعرض للإعتقال أكثر من مرة لا يتم إستخدام أسلوب العصافير معه، بل يتم إستخدامه ولكن بطرق وأشكال أخرى لم يعهدها خلال تجربته الإعتقالية السابقة.
ويتركز عمل ونشاط "العصافير" في مرحلة التحقيق مع المعتقل؛ أي ما قبل إيداع الأسير ونقله للسجن الفعلي، حيث يعمل" العصافير " في هذه المرحلة الحرجة والهامة في حياة المعتقل، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد " عصافير" في السجن، فعدونا لا يؤمن جانبه إطلاقاً، وينبغي على كل واحدٍ فينا أن يكون يقظاً ومنتبهاً لمكر اليهود وخبثهم وكيدهم، لذلك لنسهل فهم المسألة على القارئ الكريم، فإننا سنقسم عمل العصافير على مرحلتين:
1- داخل أقبية التحقيق.
2- داخل جدران " السجن الوهمي".
* * *
1- داخل أقبية التحقيق:
عند تعرض فلسطيني للإعتقال، يتم أخذه في البداية إلى أحد مراكز التحقيق المعروفة والمنتشرة على أرجاء أرضنا الحبيبة المحتلة، وأبرز مراكز التحقيق تلك هي: الجلمة – بالقرب من حيفا-، والمسكوبية، و"بتاح تكفا"، وغيرها، كما يوجد مراكز تحقيق أخرى مرفقة بمعتقلات الإحتلال، كالتحقيق الموجود داخل سجن عسقلان- بالقرب من قطاع غزة-، وغيرها.
وفي هذه المرحلة يتم ممارسة الضغط النفسي الممنهج على الأسير كأداة يستخدمها المحقق للضغط من أجل الحصول على إعترافات، ويوضع الأسير في مراكز التحقيق داخل ما يعرف بمقابر الأحياء، أي الزنازين وما أدراك ما الزنازين، حيث يقضي المعتقل 24ساعة من كل يوم يتواجد فيه هناك داخل تلك الزنزانة منفرداً لوحده داخل أربعة جدران مغلقة تماماً وبإحكام شديد، وبتعقيدات أمنية في بناء الزنزانة تنم عن مدى جبن العدو، ويكون المعتقل حينها معزول تماماً عن العالم الخارجي، ولا يدري ما يجري خارج تلك الجدران، وكيف سيدري والإحتلال يحجب عنه حتى دخول ضوء الشمس لزنزانته؛ التي هي عبارة عن مكعب إسمنتي خالٍ من أية نافذة ولو كانت صغيرة، فالمعتقل عندها لا يعلم إذا كان في ليلٍ أو نهار، ولا يدري ما الوقت أصلاً، فهو لا يخرج من ذلك القبر إلا عندما يؤخذ لجلسات التحقيق، أو لحضور محكمة تعقد له.
وما سلف ذكره هو بحد ذاته ضغط نفسي على المعتقل لإرغامه وإضعافه في التحقيق، فلك أن تتخيل عزيزي القارئ ما هو حال وشعور ذلك المعتقل، الذي يجد نفسه فجأةً في تلك الظروف القاسية؟، بعد أن كان ينعم بحياة كريمة قبل إعتقاله، وكان له كامل حريته في التنقل، والتصرف في مختلف شؤون حياته، وبعد أن كان بين أهله وأصدقائه يمرح ويستمتع بوقته، ولكن فجأة عند الإعتقال يزول كل ذلك، ويتجرد عندها من كل شيءٍ في حياته، فهو الآن في قبضة عدوه، الذي يتحكم بحريته، وبمأكله ومشربه، وملبسه داخل أقبية التحقيق.
وقد يمكث المعتقل في ظل الظروف التي سبق ذكرها 60 أو 70 يوماً، ولربما تصل المدة إلى ما يربو على مائة يوم بل وأكثر بكثير، حتى يصل الحال في المعتقل أن يشتهي رؤية إنسان ليتكلم معه.
وتحتوي مراكز التحقيق على مجموعة من الزنازين المنفردة وغير المنفردة، مرقمة حسب ترتيب معين، يتم نقل المعتقل من زنزانة لأخرى بأمر من محققه المسؤول عن ملفه، فلا يمكن أن يفتح باب الزنزانة إلا بأمر من ذلك المحقق أو الجهة المسؤولة، وهنا يجب التركيز على ما يلي:
- يمر المعتقل في الزنازين بأمور وأحداث قد يظنها حدثت بمحض الصدفة، أو حدثت عن طريق الخطأ، كأن يلتقي مثلاً بمعتقل آخر يعرفه، قريب أو صديق في إحدى الزنازين، أو أمور أخرى، وهنا يجب العلم أن كل ما تمر به هناك هو مدبر ومخطط له من قبل جهاز التحقيق وضباطه.
- إعلم أن كل من تلتقي به داخل زنازين التحقيق هو شخص مشكوك بأمره؛ أي " عصفور"، فخذ حذرك منه، ولا تثق بأحد إطلاقاً خلال تلك الفترة.
تحذير!
أثناء فترة التحقيق، لا تثق بأحدٍ إطلاقاًُ مهما يكن ذلك الشخص.
لا تحدث أحداً بقضيتك الأمنية، واجعل ذلك سراً بينك وبين نفسك إلى أن تتحرر من الأسر وترجع لبيتك.
- إعلم أن زنازين التحقيق قد تكون مجهزة ومزودة بأجهزة تنصت ومراقبة، لتتبع حركاتك وكلامك داخل تلك الزنازين، أو قد يكون هناك من يتنصت عليك من خارج الزنزانة، فخذ حذرك جيداً.
آلية عمل " العصافير" خلال فترة التحقيق :
أثناء تواجدك داخل زنزانتك لوحدك، يرسل لك جهاز التحقيق "عصفوراً" بهيئة معتقل فلسطيني مثلك، مرتدياً نفس لباس الإعتقال الذي ترتديه أنت – اللباس البني التابع لمصلحة سجون العدو- شباص - ، أو قد يتم نقلك لزنزانة أخرى يكون "العصفور" وجود بها مسبقاً، أو قد يتم نقل "العصفور" لزنزانة تجاور زنزانتك، ويقوم بالتواصل معك عن طريق الصوت، ويخبرك أنه معتقل، والحقيقة غير ذلك.
تحذير!
- قد يكون العصفور ضابط مخابرات صهيوني محنك، ويتكلم العربية بطلاقة، ويدخل إليك بهيئة معتقل فلسطيني.
____________________________________________________________________
على أية حال، سترى ذلك " العصفور"؛ الذي قد يكون شاباً أو حتى رجلاً كبيراً في السن، عندها سيمكث معك وقتا محدداً داخل الزنزانة، وقد يخدعك بأنه ملتزم دينياً، ويصلي ويقرأ القرآن إن وجد، وقد يخدعك مظهره الخارجي إن كان ملتحياً، وقد لا يكون ملتحياً، وستلاحظ عليه من حديثه أنه يتمتع بثقافة واسعة قوية، وهذه الصفة موجودة في الكثير من "العصافير"؛ لأنهم مدربون جداً.
وعند إلتقائك به ستتحدثون وتتعرفون إلى بعضكم، ومن المعروف أن " العصفور" لا يعرّف نفسه باسمه الحقيقي، بل ينتحل أسماء أشخاص آخرين، قد تكون أسماء أسرى ومعتقلين بغرض تشويه سمعتهم، وكذلك لا يعطيك " العصفور" إسم مدينته أو بلدته الحقيقي، وقد يعطيك معلومات حقيقية عن أماكن وأشخاص موجودين فعلاً في المكان الذي يدعي كذباً أنه يسكن فيه.
والمهم أن "العصفور" ياتي إليك ولديه مهمة سرية يجب أن ينفذها لصالح العدو، والمهمة تندرج تحت عنوان عريض هو " الحصول على معلومات أمنية هامة من المعتقل"، لذلك فإن " العصفور" يعلم عمله جيداً، وهو ليس غبياً، فهو ممرن جداً على عمله المطلوب منه، فالعدو لا يعتمد عليه إلا إذا وجده أهلاً وجديراً بأن يقوم بالمهمة على أكمل وجه، لذلك سيخدعك "العصفور" بطرق عديدة للوصول لهدفه بطريقة غير مباشرة، وهو لن يأتي إليك ويسألك بطريقة ساذجة وغبية عن معلوماتك وقضيتك "الأمنية" الوطنية، بل سيوهمك ويبهرك بسجله النضالي المزيف، ويدعي بأنه قد سجن أكثر من مرة، ويجعلك في النهاية تشعر بالأمان تجاهه، وتثق به حتى تبدأ أنت نفسك تحدثه وتبوح له عما في داخلك من أسرار ومعلومات أمنية خطيرة، عندها ينجح في مهمته.
تحذير!
تحدث مع "العصفور" عن أي موضوع تريده، وتجنب الحديث عن معلوماتك وقضيتك الأمنية نهائياً.
الإعتقال فترة إستثنائية من الحياة، لذلك لا تثق بأحد إطلاقاً خلال هذه الفترة، إلا إذا كان أهلا للثقة.
وقد يرسل لك جهاز التحقيق نوعاً من "العصافير" مهمته هي أن يأتي لك على هيئة معتقل جديد قد وصل لمركز التحقيق قبل يوم أو يومين، ويتظاهر لك بأنه خائف، وأنه يعتقل لأول مرة في حياته، ويبدي لك ضعفه الشديد، وخوفه من المحققين والسجن، بل وقد يبكي ويذرف دموعه أمامك، ومن ثم يستغيث بك، ويطلب منك ويرجوك أن ترشده كيف يتصرف ويتعامل مع المحقق عندما يوجه له الأسئلة.
وكل ذلك هدفه أن يكشف العدو مدى معرفتك عن التحقيق وأساليبه، وهل لديك وعي وثقافة أمنية مسبقة، وهل لديك معرفة عن كيفية التصرف عند التحقيق معك، لكي يستطيع العدو التعامل معك وفق ذلك، لذلك يجب عليك الحذر الشديد، وتظاهر بأنك لا تعرف شيئاً عن التحقيق، واجعل لعبتهم المرسومة تستمر حتى نهايتها.
وقد يرسل لك جهاز التحقيق " عصفوراً" يأتي لك حتى باب زنزانتك بحجة أنه سجين مدني وليس أمني يعمل مع إدارة السجن في توزيع الطعام على المعتقلين والموقوفين، أو قد يتقمص أحد ضباط المخابرات الصهيونية ذلك الدور، وهذا ما يحدث فعلاً في مركز تحقيق الجلمة – قرب حيفا-، ففي الطابق التحت أرضي لهذا المركز يتجول هناك ضابط مخابرات صهيوني يعرفه كثير ممن تم توقيفه في ذلك المركز، فكان يعرف قبل عدة سنوات بإسم " أبو أمل"، وخلال فترة إعتقالي عرفته بإسم " أبو العبد"، فهو يغير إسمه كل فترة، فقد كان يأتي لباب زنزانتي، ويحدثني عن نفسه أنه سجين مدني لم يبق له سوى شهرين حتى يطلق سراحه.
وكان هذا الشخص يتظاهر بأنه ملتزم دينياً، بل وكان يأتي بآيات قرآنية وأحاديث خلال حديثه معي، وكان يعطي مواعظ وإرشادات دينية، حتى أنه أرشدني لإتجاه القبلة، والمهم أنه كان يمارس عمله على أكمل وجه، فهو يوهمك أن من لهم علاقة بقضيتك من أصدقائك قد أعتقلوا وأصبحوا داخل مركز التحقيق، وذلك للضغط عليك، وإضعاف روحك المعنوية، أو ربما قد ينقل لك رسالة كاذبة على لسان صديق لك معتقل معك داخل مركز التحقيق، وذلك من أجل تضليلك وجعلك تنقل لصديقك رسالة فيها معلومات أمنية لها علاقة بقضيتك عن طريق ذلك "العصفور"، أو ضابط المخابرات.
ويعمد العدو الصهيوني وأجهزة مخابراته ومحققيه إلى وضع المعتقل الفلسطيني في جو وهمي داخل مركز التحقيق، وينشر بين المعتقلين معلومات مغلوطة بغرض خداعهم والتأثير عليهم.
ومن تلك المعلومات المضللة التي ينشرها العدو عن طريق " العصافير"، وعن طريق المحققين أنفسهم، بل ويتداولها المعتقلون الفلسطينيون فيما بينهم أثناء فترة التحقيق غير مدركين خطورتها عليهم، معلومة مفادها أن المعتقل عندما يكتب إفادته ويوقع عليها، وعندما يتم أخذ بصماته وعينات "DNA" منه، فإنه يكون قد انتهى من التحقيق معه، وبالتالي يكون المعتقل عندها قد إبتلع أول الطعم، فيستريح ويرتاح حاله، ويشعر وكأنه قد أزيل هم كبير عنه، بل ويشعر بنشوة الإنتصار على عدوه، خصوصاً إذا كان المعتقل قد نجح أثناء التحقيق بإخفاء الكثير من المعلومات الأمنية الهامة عن محققه.
وبعد أن يوقع المعتقل الفلسطيني على إفادته الخطية، ويتم أخذ بصماته وما إلى ذلك من إجراءات، يوهمه العدو بعصافيره ومحققيه بأنه سينتقل للمرحلة التالية وهي "السجن"، ولكن لا يتم نقل المعتقل إلى السجن مباشرة، بل يمكث عدة أيام قبل أن ينقل إلى "السجن" أي "السجن الوهمي"؛الذي هو جزء من تلك الخطة الخبيثة المرسومة من قبل مخابرات العدو من أجل خداع المعتقل، وهنا يأتي دور نوع آخر من "عصافير" مراكز التحقيق.
وهنا يوضع المعتقل في زنزانة مع أحد "العصافير"، والذي يعرّف نفسه طبعاً بأنه فلسطيني شريف، وأنه قد سجن عدة مرات من قبل، وهنا يكون المعتقل الحقيقي الضحية الذي لم يجرب السجن من قبل في حالة شوق كبير لأن يعرف ما هو السجن، وما هي تفاصيل الحياة هناك، لذلك يلجأ لذلك " العصفور" ليسأله ويستفسر منه عن السجن؛ على إعتبار أنه شخص ذو تجربة سابقة في الأسر، وهنا يأتي دور ذلك " العصفور" المدرب جيداً على ذلك.
فيبدأ ذلك " العصفور" بعملية الكذب والخداع؛ " عملية التهيئة النفسية المخادعة للمعتقل الفلسطيني – الضحية – لمرحلة السجن الوهمي"، فيشرح بإسهاب وتفصيل عن ذلك " السجن الوهمي"، ويقول للمعتقل الفلسطيني: " إنك ستذهب للسجن، وستمكث فيما يسمى بـ"المعبر" ؛ وهو مرحلة إنتقالية مؤقتة قبل دخول السجن، وهناك سيأتي إليك مسؤول التنظيم، أو الموجه الأمني لدى الأسرى الفلسطينيين، وستجلس معه جلسات أمنية سرية، وسيسألك عن قضيتك ومعلوماتك الأمنية، وعن بعض التفاصيل، وينبغي عليك أن تجيبه وبكل صراحة، لأن تلك الجلسات تأتي لدواع ٍ أمنية للحفاظ على حياة الأسرى الفلسطينيين داخل السجن، وبما أنك أسير جديد عندهم، فإن تلك الجلسات ستكون لا بد منها كي يتأكدوا أنك شخصاً وطنياً نزيهاً غير مشكوك بأمرك، وأنك لست مدسوساً بينهم، ومبتعثاً من قبل مخابرات العدو".
طبعاً ما سبق هو أهم ما يقوله ذلك " العصفور" للمعتقل في عملية الخداع تلك، فتترسخ صورة السجن تلك التي رسمها "العصفور"، وتنطبع في مخيلة المعتقل الفلسطيني المخدوع، وبعد عدة أيام يتم نقل ذلك المعتقل إلى "سجن وهمي"- والذي يكون ملحقاً بأحد السجون الصهيونية الحقيقية، وذلك عن طريق وضعه في إحدى مركبات وحدة " نحشون" الصهيونية والمتخصصة في عمليات نقل الأسرى، فتستغرق عملية النقل تلك بضع ساعات على طرق أرضنا المحتلة، وبعد ذلك تبدأ المرحلة الأهم، والأكثر خطورة، وذلك عندما يصبح المعتقل موجوداً عند نوع ٍ آخر من "العصافير"، وهم "عصافير السجن الوهمي".
2- داخل جدران "السجن الوهمي" :
" عصافير السجن الوهمي"
هم أخطر وأهم أنواع " العصافير" على الإطلاق.
تحتوي الكثير من المعتقلات الصهيونية على أقساماً ملحقة مخصصة "للعصافير"، وتحتوي تلك الأقسام على غرف خاصة "للعصافير" كي يمارسوا فيها نشاطهم التخابري مع الإحتلال، وتكون تلك الغرف شبيهة تماما ًبالغرف التي يعيش فيها الأسرى الفلسطينيون.
لذلك عندما يتم نقل المعتقل لغرف "العصافير" يظن نفسه أنه موجود في سجن فعلي وحقيقي، وأنه يعيش بين أسرى فلسطينيين حقيقيين، ولكن الأمر على خلاف ذلك تماماً، ومن أجل أن تكون الخدعة محكمة تماماً، تكون غرف "العصافير" تلك شبيهة بغرف الأسرى من حيث نظام السجن، والعدد الصباحي والمسائي، ونظام "الفورة" – أي فترة الإستراحة المخصصة لخروج الأسرى من غرف إعتقالهم نحو ساحة خارجية محاطة بتحصينات أمنية - ، وكذلك شبيهة من حيث طبيعة الطعام والشراب، ومن حيث نظام "الشاويش" المسؤول عن غرفة الأسرى التي يكون متواجداً فيها، و"الشاويش" هو أسير كباقي الأسرى، ولكنه مسؤول عن إدارة وتنظيم شؤون الغرفة، ولكن " الشاويش" في غرف "العصافير" هو " عصفور" مثلهم، وكذلك يوجد في كل غرفة تلفاز، ومكتبة صغيرة، وكل ذلك يجعل المعتقل يشعر وكأنه في سجن حقيقي.
- آلــيــة عــمــل " عصافير السجن الوهمي" :
بعد أن ينقل المعتقل الفلسطيني ويوضع داخل غرف "العصافير"، يقوم " العصافير" بإستقباله، ويهنئونه بخروجه سالماً من مركز التحقيق، ويصافحونه فرداً فرداً، ويشعروه بانه بين أهله، ومن ثم يحضرون له ثياباً كي يرتديها بدلاً من لباس السجن البني "شباص".
ومن الجدير ذكره أن المعتقل الفلسطيني يمكث في ذلك " السجن الوهمي" مدة لا تزيد عن عشرة أيام تقريباً، وخلال تلك الفترة يعامل أفضل معاملة، ويقدّم له ما لذ وطاب من المأكل والمشرب، ويشعر بأمانٍ تام، ويعيش مع أولئك "العصافير"، ويأكل ويشرب معهم، وينام بينهم داخل غرفة واحدة، ويتناول الحديث معهم، بل يمرحون ويلعبون خلال مدة تواجده معهم، وتكون علاقة "أخوية" بإمتياز.
وأثناء تواجد المعتقل في "السجن الوهمي"، يقدّم له "العصافير" أنفسهم بأسماء وهمية، ويدّعون بأنه مضى على وجودهم في ذلك " المعبر"، ما يقارب أشهر عديدة، وهذا كله كذب، فكما ذكرنا سابقاّ أن أي معتقل فلسطيني لا يمكث هناك سوى بضعة أيام فقط، وعلاوة على ذلك يكون لأولئك "العصافير" حرية الحركة، فيخرجون من تلك الغرف أكثر من مرة في اليوم بحجة أنهم يساعدون إدارة السجن في توزيع الطعام على الأسرى، وذلك كذب محض.
ويُعتبر أولئك "العصافير" ممثلون بارعون جداً في أداء أدوارهم المرسومة لهم من قبل مخابرات العدو، لذلك يرتدون رداء الدين على أكمل وجه، فتراهم ركّعا ً سجداً، صوّامين قوّامين، وقد شاهدتُ ذلك عن كثب أثناء تجربتي الإعتقالية، فكان أحد أولئك "العصافير" يؤم بنا في الصلاة، بل كان يلقننا دروساً ومواعظ دينية، فكنا نجلس على شكل حلقة علم، فيقوم ويخطب بنا، فكان بارعاً في سرد القصص الدينية، وكان يحفظ آيات قرآنية وأحاديث، ويعطي أحكام دينية، وكان يؤدي دوره بحرفية، بل كان يصوم كل إثنين وخميس، لذلك تجد أكثر ما يتقنه " العصافير" هو التستر بالدين فهم ينجحون في ذلك تماماً.
وخلال الأيام الثلاثة الأولى تقريبا ً من وجود المعتقل داخل ذلك " السجن الوهمي"، تبدأ عندها أول جلسة أمنية سرية مغلقة، فيأتي أحد " العصافير"، والذي ربما يكون أحد ضباط المخابرات، يأتي بصفة أنه مسؤول التنظيم الفلسطيني لدى الأسرى، أو بصفة الموجه أو المرشد الأمني، وغيرها من التسميات الزائفة، المهم أنه يأتي ويجلس مع ذلك المعتقل على إنفراد داخل إحدى غرف " العصافير" في أول لقاء تعارفي.
وفي ذلك اللقاء يقوم ذلك " العصفور" بتعريف نفسه أنه مرسل من قبل التنظيم في السجن، وأن هدف هذه الجلسات الأمنية السرية هو هدف أمني بحت لحماية الأسرى، ويقوم ذلك " العصفور" بطمأنة المعتقل أن أي معلومة يدلي بها ستبقى سرية، ولن يطلع عليها أحد سوى التنظيم، وسيتم وضع تلك المعلومات فيما يسمى بأرشيف السجن، ويقوم "العصفور" بتخيير المعتقل إما بإكمال تلك الجلسات أو إيقافها إذا أراد ذلك، وللمعتقل عندها حرية الإختيار إما أن يوافق أو يرفض، ولكن كل المعتقلين وللأسف يوافقون على إكمال تلك الجلسات لكونهم يجهلون أنهم موجودون عند "العصافير".
وفي تلك الجلسة يوجّه "العصفور" للمعتقل أسئلة حول معلوماته الشخصية؛ أين يسكن، وماذا يعمل، ومتى تم إعتقاله، ومن أي مركز للتحقيق أتى، وغيرها الكثير من الأسئلة، وتستمر الجلسة قرابة ساعة، يدون ذلك " العصفور" على ورقة يحملها بعض أهم ما يقوله المعتقل، ومن ثم تنتهي تلك الجلسة.
تحذير!
قد يعرض عليك ذلك "العصفور" أن يقدم لك دعماً مالياً وعسكرياً بعد أن تتحرر وتخرج من السجن من أجل تنفيذ عمليات جهادية معينة ضد العدو، وكل ذلك يهدف لإيقاعك في الفخ المنصوب لك مسبقاً.
__________________________________________________________________
وبعد ذلك يرجع " العصفور" إلى ضباط المخابرات ليأخذ منهم التعليمات، فتوجه مخابرات العدو ذلك "العصفور" للتركيز على بعض النقاط، والمواضيع، والأسماء التي لها علاقة بقضية المعتقل، والتي فشل العدو في الحصول عليها أثناء التحقيق معه مسبقاً، لذلك يأتي العصفور بعد يوم أو يومين لجلسة أمنية ثانية، وتليها جلسات أخرى لاحقاً لإتمام عمله، والقيام بالتركيز على النقاط المطلوبة منه، عندها يقوم "العصفور" بسؤال المعتقل عن أسباب إعتقاله، وعن المواضيع التي تم التحقيق معه فيها، وعن إنتمائه الحزبي، وعن نشاطه الوطني قبل إعتقاله، وغيرها من الأمور الأمنية الهامة والخطيرة جداً، والتي لا ينبغي على أي معتقل أن يدلي بها لأي شخص كان سواء داخل الأسر أو خارجه، ولكن نظراً لأن المعتقل عندها يكون مخدوعاً، فإنه يضع ثقته بذلك " العصفور"، ويقوم بالإجابة عن كل سؤال يوجّه إليه إجابة تامة وغير ناقصة، فيكون المعتقل بذلك قد وقع بالفخ، وقدم للعدو معلومات هامة كان قد نجح سابقاً بإخفائها عن محققه أثناء التحقيق معه، وبهذا ينجح ذلك " العصفور" بأداء مهمته على أكمل وجه.
لذلك تكمن الخطورة هنا في أن كثيراً من المعتقلين يفشون أسرارهم، ويبوحون بمعلومات وأحداث ونشاطات كانوا قد نفذوها وبقيت طي الكتمان لا يعلم أحد شيئاً عنها، حتى العدو نفسه لا يعلمها، ولم يحقق مع المعتقل فيها، لذلك يوقع المعتقل هنا نفسه في ورطة كبيرة لا يستطيع الخروج منها.
لذلك تجد الكثير من المعتقلين الفلسطينيين، وتوجد الكثير من القصص الواقعية التي حدثت بالفعل مع الكثير منهم، قد تم إعتقالهم بتهمة إلقاء حجارة أو زجاجات حارقة على قوات الإحتلال، أو بتهم أخرى صغيرة الحجم، تجدهم وقد وقعوا في مصيدة أولئك " العصافير"، واعترفوا بأنهم قد كانوا يخططون لقتل أو خطف جندي صهيوني، أو تنفيذ عمليات إستشهادية ، أو غيرها من التهم ذات العيار الثقيل، والتي تودي بصاحبها للمكوث بالسجن سنوات طويلة من عمره.
تحذير!
- حافظ على سرّك بينك وبين نفسك، ولا تثق بأحد إطلاقاً خلال فترة الإعتقال.
- مــا بـــــعــــد " الــعــصــافـــير" :
وبعد أن تنتهي فترة وجودك في " السجن الوهمي" يتم بعدها نقلك مباشرة لمركز التحقيق الذي كنت متواجداً فيه في البداية، وأثناء عملية النقل تلك التي تستمر ساعات طويلة على الطرق، تظن نفسك أنك ذاهب للمحكمة، أو لسجن آخر، ولكن في الحقيقة يتم أخذك لمركز التحقيق الذي كنت فيه أولاً.
وفور وصولك لمركز التحقيق، يقتادوك مباشرة لمكتب المحقق الذي قام بالتحقيق معك سابقاً، والمسؤول عن ملفك الأمني، عندها يقوم ذلك المحقق بإطلاعك على إعترافاتك عند " عصافير السجن الوهمي"، مكتوبة ومسجلة على الورق، لتجد عندها كل حرف تفوهت به هناك، وفي هذه اللحظات يصعق المعتقل ويُصدم صدمة كبيرة، عندها يطلب المحقق من المعتقل أن يتجاوب معه في التحقيق، ويقول له إن الأمور باتت مكشوفة، وأنه يجب عليه أن يتفاهم مع المحقق حول كل معلومة أدلى بها عند "العصافير".
ويجب الإنتباه إلى أن هذه المرحلة لها خطورة كبيرة جداً على المعتقل، فالغرض من قيام المحقق بإطلاع المعتقل على إعترافاته عند " العصافير" هو أن يصاب المعتقل بإنهيار نفسي، وبالتالي يحبط المعتقل، ولا يجد مهرباً من أن يؤكد ما اعترف به سابقاً عند " عصافير السجن الوهمي"؛ لأن المحقق لا يستطيع إثبات وتأكيد تلك الإعترافات ما لم يؤكدها المعتقل بنفسه ويعترف بأن كل ما جاء من إعترافات صحيح تماماً.
ولكن يستطيع المعتقل عندها أن ينفي كل حرف قاله أو إعترف به مسبقاً لأولئك "العصافير"، أو يدعي أنه كان يكذب عليهم – أي على "العصافير" - ، وأن كل ما ورد غير صحيح بتاتاً، عندها يستطيع المعتقل أن ينقذ نفسه، ويخرج من تلك الحفرة العميقة التي أوقع نفسه فيها، عندها لا يستطيع جهاز التحقيق بأكمله أن يُرغم المعتقل ويجبره على الإعتراف بما قاله سابقاً، لأنه على ما يبدو أن محاكم الإحتلال لا تستطيع أخذ إعترافات المعتقل عند " العصافير" كإثبات قانوني يدينه، إن لم يقم المعتقل نفسه بتأكيدها وإثباتها.
وبعد ذلك تنتهي الخدعة، والحيلة المدبرة من قبل جهاز المخابرات الصهيوني، وبعدها بأيام معدودة يتم نقل المعتقل للسجن الحقيقي الفعلي عند الأسرى الفلسطينيين، ولكن هذا لا يعني أن مسلسل "العصافير" قد إنتهى، بل قد يكون هناك " عصافير" بأشكال أخرى مزروعين بين الأسرى الفلسطينيين بغرض التجسس عليهم، لذلك إجعل الحسّ الأمني لديك في حالة إستنفار دائم.
- كـيف تتــصرف إذا إكــتــشـفـت أنــك بــين "العصافير"؟
عــندها لك حريــــة الإخــتيـــار في التصـــرف وفق الظــروف المحـــيطة بك، ولــكن إليك بعض النصــــائح والإرشــــادات الهامة :
1- تظاهر بأنك تجهل وجودك بين " العصافير".
2 - كن يقظاً وحذراً في جميع تصرفاتك وأقوالك.
3- تصرف بشكل طبيعي جداً.
4- إجعل "لعبة العصافير" تسير حتى نهايتها دون أن يعلموا أنك قد عرفتهم على حقيقتهم.
5- في حال وجودك عند "عصافير السجن الوهمي"، سيكون هناك معتقلون آخرون مثلك – أي ليسوا عصافير -، فعليك أن تقوم بتحذيرهم من "العصافير"، ولكن بطريقة سرية جداً.
6- إذا طلب منك "العصفور" أن تحدثه عن أي موضوع أمني خاص بك، لا تخجل أن تقول له أنك لا تستطيع ذلك.
7- أرفض أي عرض قد يقدمه لك "العصفور"، ولا تحدثه بأية معلومة أمنية خاصة بك، أو تخص أناس تعرفهم.
8- إذا عرض عليك "عصفور السجن الوهمي" أن يبدأ معك بالجلسات الأمنية السرية "الكاذبة"، فعليك أن ترفض ذلك بأي حجة تريد.
9- حافظ على أسرارك وخصوصاً الأمنية بينك وبين نفسك خلال فترة إعتقالك، ولا تحدث بها أحداً.
10- لا تثق بأحد إطلاقاً خلال فترة وجودك في المعتقل مهما يكن ذلك الشخص.
رســـــالــــة لمــن يــهــمــه الأمــــــر
وفي الختام أوجه رسالة للحركات والتيارات الإسلامية والوطنية في فلسطين على مختلف توجهاتها، وللمسؤولين والمعنيين، ولوسائل الإعلام والصحفيين، ولوزارة شؤون الأسرى والمحررين، ولكل من يهمه الأمر، بضرورة نشر الثقافة والتوعية الأمنية بين مختلف شرائح المجتمع على أوسع نطاق، وبالأخص فئة الشباب من أجل سد هذه الثغرة الكبيرة التي تأتي على شبابنا بالويلات والمآسي، مما يجعلهم يقضون أجمل سنين عمرهم بين جدران الأسر.
والله من وراء القصد
تم بــحـــمــــد اللــــه وتوفـــيـــقــــه
___
_______
____________
________________
تحقيق صحفي عن مشروع إنشاء مستشفى " الشهيد فتحي الشقاقي" في بلدة كفرراعي - جنين
إعداد : محمود مطر
"مركز الشهيد فتحي الشقاقي الصحي" في بلدة كفر راعي
خيبة أمل المواطنين في مشروع لم ينجز بعد
إعداد: محمود مطر
صورة المستشفى في بلدة كفر راعي
لم يكن يعلم أبو خالد الذي تجاوز الأربعين من عمره، احد مواطني بلدة كفر راعي قضاء جنين أنه لن يرى المستشفى المقام على أراضي بلدته قائماً بصورته النهائية بعد سنوات من بدء العمل فيه.
بلدة كفر راعي الواقعة إلى الجنوب الغربي من مدينة جنين، والممتدة على مساحة واسعة من الأراضي، يعيش فيها أبو خالد وما يقارب 11 ألف مواطن، حالهم كحال أبو خالد، فقد أصيبوا بخيبة أمل لعدم اكتمال بناء المستشفى الذي لطالما حلموا بإنجازه بشكل نهائي في بلدتهم، ولكن ذلك لم يكن ليحصل حتى الآن، والسبب كما يقول أبو خالد الذي يعمل في أحد الدوائر الحكومية:" إن أصحاب المستشفى والمسؤولين عنه مسجونين لدى السلطة"، ومن هنا بدأت الحكاية.
المشروع من اسمه للوهلة الأولى يوحي بأنه تابع لحركة الجهاد الإسلامي، فقد أطلق القائمون عليه اسم "مركز الشهيد فتحي الشقاقي" ، ونتيجة للاضطرابات السياسية وتوتر العلاقات بين السلطة الفلسطينية وبعض الحركات والأحزاب السياسية والوطنية في الضفة الغربية المحتلة في السنوات الأخيرة "كحركة حماس" و"حركة الجهاد الإسلامي" ، وما نجم عن ذلك من قيام السلطة الفلسطينية بتضييق الخناق على تلك الأحزاب وملاحقة أفرادها ومسؤوليها، وحظر بعض الأنشطة التابعة لتلك الحركات في مناطق الضفة الغربية، الأمر الذي لا زال مستمراً لغاية الآن، فقد ربط الكثير من المواطنين في بلدة كفر راعي بين كل ما يجري من ذلك الوضع السياسي الذي طال بلدتهم أيضاً، وبين مشروع بناء المستشفى.
الأمر الذي جعلهم يعتقدون أن السلطة الفلسطينية هي السبب الرئيس في ضياع فرصة إقامة مشروع مستشفى بلدتهم.
وتأتي أهمية هذا المشروع في أنه يقام في منطقة تخدم تجمعات سكانية كبيرة، فبالإضافة لتقديمه الخدمة الصحية والعلاجية لسكان بلدة كفر راعي، فهو أيضاً يخدم المناطق المجاورة للبلدة، فتعتبر كفر راعي هي البلدة الأخيرة التابعة لمحافظة جنين من الناحية الجنوبية الغربية، حيث تبعد عن مركز المدينة ما يقارب 25 كم، وتقع في الوسط بين محافظتي جنين وطولكرم، وتجاورها من الناحية الغربية قرى تابعة لمحافظة طولكرم كقرية صيدا، وعلار، وتجاورها أيضاً قرى محافظة جنين، كقرية فحمة، وعرابة، والرامة، وعجة وغيرها، لذلك فإن المشروع يقدم الخدمة الصحية لجميع التجمعات السكانية تلك في حال اكتمل بناؤه.
أقيم هذا المشروع في منطقة داخل إطار بلدة كفر راعي تسمى "باطن قيس"، وتحديداً في جزء من هذه المنطقة الجبلية تخلو من السكان تقريباً، الأمر الذي يحول دون إلقاء الناس نظرة عن هذا المشروع عن كثب، إلا من نظرات بعيدة لدى دخول وخروج السكان من البلدة عبر الطريق الرئيسي لبلدتهم، حيث لا يرون إلا هيكلاً خارجياً للمستشفى، ولكن لدى دخولك للمستشفى عن قرب تجد فيه مساحة واسعة، وأول ما تشعر به هو الحسرة على هذا المشروع الذي لم يكتمل بناؤه.
المستشفى حالياً مكون من طابقين بمساحة 640م2 لكل طابق، وكما هو مخطط له فإنه سيتخصص بتقديم الخدمة الصحية والعلاجية في عدة مجالات طبية، وسيتم تزويده بأجهزة طبية حديثة ومتطورة، وطاقم طبي متخصص، وتم البدء بالعمل في هذا المشروع منذ عام 2007م تقريباً، وآخر مراحل بنائه أوصلته إلى أن أصبح هيكلاً معمارياً كما تبينه الصور، مقسماً من الداخل إلى أقسام وغرف.
والمشروع حسبما كتب على لوحة تدل عليه وضعت أمامه، هو عبارة عن منحة مقدمة من اللجنة الشعبية الإيرانية لدعم الشعب الفلسطيني، ترجع ملكيته إلى مركز رسالة الحقوق، الذي يدير عملية بناء المشروع عن بعد، إذ يقع مقره الرئيس في قطاع غزة بعد أن أغلق الاحتلال الإسرائيلي فرعه الوحيد في الضفة الغربية في مدينة رام الله قبل سنوات مضت.
هكذا هي صورة هذا المشروع في أذهان سكان بلدة كفر راعي، ولكن بالانتقال إلى طرف آخر مهم في هذا الموضوع، وبالتحديد إلى قطاع غزة وعبر مكالمة هاتفية مع مدير مركز رسالة الحقوق المحامي أيمن أبو عيشة، الذي يبين ويوضح عدة أمور، وقد أبدى عن دعم رغبته بإثارة هذا الموضوع إعلامياً.
تحدث أبو عيشة عن المشروع منذ بداياته، فقال: " إن المشروع لم يكن معتمداً في البداية لبلدة كفر راعي بالذات، ولكن بناءً على دراسة إستراتيجية أجريت بأن مكان المشروع في البلدة يخدم سبع قرى مهمشة حولها، وبسبب رخص أسعار الأراضي في البلدة مقارنة بمناطق أخرى".
وأكد أبو عيشة أن هذا المشروع هو لكل الناس ولا يتبع لأي جهة سياسية، وقال :" نحن معنيين بتقديم الخدمة للناس وللبلد، واختيار اسم المشروع لم يكن عشوائياً، فمن غير الممكن أن يختار أحد اسم كاسم فتحي الشقاقي وهو بعيد عنه، فممكن أن يكون للمشروع لونه، ولكن لا يتبع لأي جهة سياسية، وأن القائمين عليه لن يكون لهم أي علاقة بأي تنظيم".
أما بالنسبة لإيقاف العمل في هذا المشروع فقد أكد أبو عيشة أن المشروع توقف فعلياً في فترة من الفترات لمدة 6-9 شهور وذلك لعدة أسباب، فقال:" المشروع ممول من قبل المركز وهو يتبع إدارياً للمركز، ومشروع كهذا بحاجة لأموال كبيرة، ونحن نجلب الأموال من دول عربية مانحة ومن جهات ممولة للمشروع، ولكن بسبب أوضاع قطاع غزة الصعبة، وبسبب إغلاق معبر رفح، أدى ذلك إلى صعوبة تواصل مع تلك الدول والجهات المانحة، حيث أن الشلل قد أصاب مشروعاتنا في غزة كما في الضفة أيضاً، حسب قوله.
ونفى أبو عيشة قيام السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بإيقاف العمل في هذا المشروع، وقال:" السلطة لم توقف المشروع، بل استفسرت عن المشروع واستوضحت بعض الأمور حوله، وكنا حريصين على تسجيل الأرض المقام عليها المشروع منذ البداية، وكانت الأمور واضحة بالنسبة للمخابرات الفلسطينية والأمن الوقائي، وأنا أؤكد كمحامي أنه ليس باستطاعة السلطة وقف المشروع".
وقال أبو عيشة:" إن المركز بانتظار قدوم دفعة أخرى من الأموال لاستكمال العمل في المشروع، وإن المشروع سيتم بمشيئة الله"، وبالنسبة لطريقة التواصل مع القائمين على المشروع في الضفة فهي من الصعوبات التي تواجهنا في إنجاز هذا المشروع، فهناك مدير للمشروع ومهندس وحارس، لا يتم التواصل معهم إلا من خلال مكالمات هاتفية فقط".
وقد عانت بلدة كفر راعي في سنوات مضت من ضياع عدة فرص لإقامة أكثر من مشروع على أراضيها، كان ذلك إما بسبب خلافات ما في البلدة أو لأسباب أخرى، ولكن يبقى أمل سكان البلدة بإقامة هذا المستشفى حتى يروه حقيقة ماثلة أمامهم.
_______________________________________________________________________________________________
تقرير صحفي عن قناة " ناشيونال جيوجرافيك أبو ظبي" ومتابعة
المشاهد الفلسطيني لها
إعداد: محمود مطر
"ناشيونال جيوجرافيك أبوظبي" قناة فضائية تحظى بمتابعة المشاهد الفلسطيني
تقرير : محمود مطر
برامج عملاقة ، ومملكة الغابة، وهجرات عظمى ، هي بعض أبرز البرامج الوثائقية التي تبثها قناة "ناشيونال جيوجرافيك أبوظبي"، هذه القناة التي جذبت أنظار شريحة واسعة من الجمهور الفلسطيني منذ الفترة الأولى لإطلاق بثها في الوطن العربي باللغة العربية.
محمد ملحم 32 عاما أحد أشد المعجبين بهذه القناة ، يقول:"إنها قناة متميزة جدا ، وناجحة بكل تأكيد، وبرامجها متنوعة وتعليمية يستفيد منها الصغير قبل الكبير ، وأكثر ما يعجبني من برامجها هو برنامج مملكة الغابة ، فهو برنامج شيق ولا غنى عنه".
وأكثر ما يميز هذه القناة هو طبيعة برامجها المتنوعة والشيقة ذات الطابع الترفيهي والمعلوماتي في الوقت ذاته ، الأمر الذي ساعد في ازدياد شعبيتها ، واتساع رقعة مشاهديها من مختلف الفئات العمرية.
يقول أمجد حافظ 38 عاما :"إنها قناة جيدة ، ويعجبني فيها برامج الحيوانات والأفاعي".
ويتحدث عبد الله ناجح 17 عاما عن سبب متابعته لهذه القناة ، فيقول :" إنها قناة مميزة ، تشد انتباه المشاهد لها، وتعرض برامج لا تعرضها قنوات أخرى كبرنامج فنون قتالية".
ويقول ظافر جوابرة 18 عاما :"إنها أفضل قناة ، ويعجبني فيها برنامج مملكة الغابة ، وبرامج عملاقة".
وبدأت قناة "ناشيونال جيوجرافيك أبوظبي" بثها على القمر الإصطناعي "نايل سات" في الأول من تموز عام 2009م ، وتهتم القناة بالبرامج الوثائقية العلمية والجغرافيا والعلوم الطبيعية ، وتبث برامجها المدبلجة للعربية من قناة "ناشيونال جيوجرافيك" الأم، وتبثها مجموعة قنوات أبوظبي الإماراتية ، وتقدم خدماتها مجانا على قمري "النايل سات" و"العرب سات".
و"ناشيونال جيوجرافيك"، هي الجمعية الجغرافية الوطنية الأمريكية، وتعد من أكبر المنظمات العلمية غير الربحية في العالم، تأسست في واشنطن بالولايات المتحدة عام 1888م .
هذه المنظمة متخصصة في الجغرافيا ، والعلوم الطبيعية ، والدعوة للحفاظ على البيئة والثقافة الإنسانية , وتصدر مجلتي "ناشيونال جيوجرافيك فور كيدز" ، و"ناشيونال جيوجرافيك إكسبلورر".
________________________________________________
منذ خمسة شهور ولا تزال جملة من المشاكل قائمة في مجمع"التكاسي" الغربي في نابلس
تقرير :محمود مطر
" البهائم لا تدخل هذه الحمامات!"،كلمات عبر بها عبد الله سائق تاكسي عمومي عن جزء من المشاكل التي يعايشها هو وما يقارب 140 سائق تاكسي عمومي،يقضون جل نهارهم على هذه البقعة من الأرض ،حيث يعانون من مجموعة من المشاكل ونقص في الخدمات الأساسية التي يجب على بلدية نابلس توفيرها لهم ولمجمعهم المخصص لقرى غرب نابلس وقرى قلقيلية،حتى يستطيعون الإستمرار في عملهم طوال النهار.
يقول عبد الله :"الحمامات غير نظيفة ،وغير صحية ،وذات رائحة كريهة ،وتفتقر إلى الكهرباء والتجهيزات اللازمة لها"،ويقول أبو هاني وهو أحد سائقي المركبات العمومية في هذا المجمع:"ذهبت قبل أسبوعين إلى الحمامات ،فوجدتها معطلة وغير صالحة للإستخدام ،فمن وقتها لم أعد إليها".
وبالإضافة إلى سائقي" التكاسي "،يقبل على المجمع يوميا مئات المواطنين من رجال ونساء وأطفال وطلبة ،مما يجعلهم طرفا متضررا من مشاكل المجمع،حيث يفتقر المجمع أيضا إلى الحمامات المخصصة للنساء ،والأسوأ من ذلك المكان المخصص للصلاة في المجمع غير مؤهل ومجهز بشكل يليق به كمكان مخصص للعبادة،فوجوده كأنه أمر هامشي غير أساسي .
جانب آخر من مشاكل هذا المجمع يشير إليه فادي التيم سائق "تاكسي"عمومي على خط عزون نابلس،فيقول:" لا يوجد مقاعد وأماكن ينتظر عليها الركاب ،ولا يوجد مظلات في المجمع،يجب أن يكون هناك مظلات للركاب والسيارات ،حيث أن فصل الشتاء اقترب".
ويحمل العديد من سائقي "التكاسي" في هذا المجمع بلدية نابلس مسؤولية النقص والتقصير في الخدمات المقدمة لهم،باعتبارها هي المسؤول الأول عن المجمع،ولكن وحسب ما قاله بعض السائقين،فقد زار محافظ نابلس ورئيس البلدية المجمع للإطلاع على وضعه عن كثب ،ولكن وكما يقول السائق راسم حمد من تل :"إنهم لم يفعلوا شيئا جديدا،ولن يفعلوا شيئا جديدا".
وبالإضافة إلى ذلك تعلل بلدية نابلس سبب تقصيرها في تقديم الخدمات ،بأن هذا المجمع غير دائم ،وأنها ستنقل المجمع إلى مكان آخر،ذلك حسب ما أفاد به بعض السائقين.
السائق مريب حمادنة يتحدث عن مشاكل المجمع ،فيقول:"البلدية تريد منا دفع النقود،حوالي 140 سائق يدفع للبلدية 70 شيقلا كل شهر مقابل الخدمات،فليأخذوا 70 شيقلا ،ولكن نريد مظلات ،الركاب يحرقوا من حر الشمس ،والقانون يمنع تركيب الستائر للسيارات،ومقاعد السيارات جلدية،فعندما يجلس عليها الراكب يشعر بالحر مما يضطره إلى الخروج من السيارة،وفي الشتاء مشكلة أيضا ،فعدم وجود مظلات يعرضنا للبلل".
وما يزال هذا الوضع على حاله في المجمع ، حتى لحظة إعداد هذا التقرير ،والذي ما زال مستمرا منذ خمسة شهور،رغم مطالبة ومناشدة السائقين للبلدية عبر الإعلام وعبر طرق أخرى بوضع حل لمشاكلهم،هذا الوضع يوجزه السائق راسم حمد بكلمات فيقول :"لا أحد يسأل عنا في هذا المجمع".
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
فيما يلي سيرة ذاتية بأسلوب صحفي لـ محمد سعيد ملحم
إعداد : محمود مطر
محـمـد سعـيـد ملـحم
إنسان ذو إرادة خاصة يخوض بها غمار الحياة
لم تبخل عائلة محمد في علاجه ،بل حاولوا ذلك منذ صغر سنه ،سواء بالطب العربي ،أو بالطب الحديث ضمن الإمكانيات المتاحة في ذلك الوقت،وعرضوا ابنهم محمد على الأطباء،وأخذوه إلى مستشفى "بيني" للعظام في مدينة بيت لحم ،ولكن أحد الأطباء قال لهم:"دعوه حتى يكبر "،لعل ذلك كان خطأ من الطبيب ،يقول محمد.
ومرت الأيام ،وكبر محمد ،وتبين أن العلاج أصبح أصعب، وبقيت حالته ،والإعاقة ترافقه حتى الآن، ولكن عاش وتأقلم مع حالته ووضعه،يقول محمد:"كنت أحبو على قدماي،ولم يكن لدي كرسي متحرك، وكنت ألعب مع الأولاد ،وكنت أركب مع والدي على ظهر دابة تأخذنا إلى أرضنا، حيث كان وزني خفيف ،بحيث يسهل حملي، ولم أكن أشغل حيزا كبيرا".
- بداية حياته المدرسية :
كان من المفترض أن يدخل محمد المدرسة ، ويلتحق بصفوف الدراسة كباقي أقرانه ونظرائه في العمر، ولكن وكما يقول هو:"من المحتمل أنه بسبب عدم وجود الوعي الكافي لدى الأهل ،لم أدخل المدرسة "، فنصح أحد الجيران والد محمد بضرورة دخوله للمدرسة ، وأقنعه أن الأولاد سيساعدونه، وكانت والدة محمد ترفض وضعه في مؤسسات رعاية الأطفال و ذوي الإحتياجات الخاصة، وكانت ترفض إبعاده عنها ، وكذلك والد محمد، رغم أنه أخذه لمستشفى الأميرة بسمة في القدس من أجل العلاج والتأهيل ، ولذلك عاش محمد بين أهله.
وفي عام 1980م، وعندما بلغ من العمر تسع سنوات ،التحق بالصف الأول في مدرسة بلدته كفر راعي، وتميز في المدرسة ، وكان الأول دائما ، وهذا ما ساعده في الثبات والإستمرار في المدرسة ، حيث زاد اهتمام المعلمين والطلبة به.
- أول عربة متحركة في حياة محمد:
أحضر له والده الذي كان رجلا عاديا ،وإنسانا بسيطا، شأنه شأن السواد الأعظم من الناس في المجتمع، وكان فلاحا ، أحضر ذلك الرجل لابنه أول عربة متحركة له عندما كان في سن الطفولة ، ومرحلة المدرسة ، وكان أخوه يساعده في الحركة والتنقل بالعربة تلك، بعد ذلك أحضرت له عربة أخرى من وكالة الغوث، فأخذ يذهب بها إلى المدرسة،ويتنقل بواسطتها، فكان لتلك العربة أثر قوي في تغيير حياته ، حيث أصبحت حياته تتغير شيئا فشيئا، وبدأ يندمج مع الناس، ويتعرف عليهم ،ويخالطهم، وكانت أخواته يأخذنه معهن ، ويصطحبنه إلى الافراح والأعراس، ويقول محمد :"كنت أذهب مع أمي إلى الأردن ، حيث كان وزني خفيف ،بسبب وجود خلل في نمو العظام ، وخلل في الغدد داخل جسمي، لذلك كان من السهل اصطحابي والتنقل بي".
وبعد ذلك أحضر له والده كرسيا متحركا بعجلات،فأصبحت الأمور أسهل بالنسبة لمحمد ،وكان يذهب بها للمدرسة ،رغم صعوبة الطرق آنذاك ، حيث كان الطريق المؤدية للمدرسة مرصوفة بالحجارة، مما يشكل صعوبة في تنقل وحركة الكرسي المتحرك، و بالإضافة أن أخوه كان يساعده في الحركة والتنقل، كان أيضا بمثابة العامل المساعد الذي أمد محمد بالثبات والإستمرار في المدرسة، بالإضافة لمساعدة أبناء جيرانه.
يقول محمد:" كنت مدللا لدى عائلتي، وكان والدي يأتي لي بكثير من الألعاب ، وكنت شقيا في صغري"، وكان في صغره مهتما بالصحف،فكان يقرأ صحيفة "القدس"،ومجلة "البيادر"السياسية،و مجلة "الحصاد"، وخلال فترة المدرسة ، لم يتعرض محمد لمضايقات من قبل الطلبة، وزملائه لكزنه مقعدا، بل كانوا يهتموا به ،وكان يجتمع مع أصدقائه ، وكانوا يقومون بزيارات متبادلة فيما بينهم.
وفي الصف الثاني الأساسي ، حيث كان يتم استئجار غرف صفية للتدريس فيها، وكان الصف المستأجر حينها بعيدا نوعا ما عن منزل محمد ، وكان من الصعب الإعتماد على الطلبة وزملاء محمد في إيصاله للمدرسة ، حيث كان من الممكن تعرضه للمخاطر، وهذا ما حدث فعلا فيما بعد، ففي إحدى المرات التي كان أحد زملاء محمد يرافقه ويساعده على الحركة في العربة ،انشغل زميل محمد عنه بأمر ما ، وترك العربة تسير وحدها ،فأخذت تتحرك على الطريق، وطبعا كان محمد على متنها، حيث كان من الصعب إيقافها، ولذلك تم نقل الصف إلى المدرسة بسبب فصل الشتاء، وبعد المكان، ومن المشكلات التي واجهت محمد في المدرسة؛ وجود طابق ثاني علوي في المدرسة، فكان يشكل صعوبة لديه في الصعود والنزول، فتم نقل الصف وجعله في الطابق الأرضي .
18 عاما مضت من عمر محمد
"يفصل من المدرسة لتجاوزه السن القانوني" :
لدى بلوغه سن الثامنة عشر من عمره ،وعندما كان في الصف التاسع ، واجه محمد مشكلة في المدرسة،حيث بسبب القانون الذي كان لا يلزم التعليم عند هذا السن ، حيث أنه ممنوع أن يبقى في مرحلة تعليم إلزامية، فكتب على شهادته المدرسية "يفصل من المدرسة لتجاوزه السن القانوني"، ولكنه تمكن من البقاء في المدرسة من خلال تسوية المشكلة عن طريق بعض المعارف ، والوساطات،وحلت المشكلة عن طريق مدير التربية والتعليم في جنين حينها،فرجع إلى المدرسة تحت مسؤوليته الشخصية.
وبعد الصف التاسع ،برزت مشاكل جديدة تتعلق بالدراسة، حيث جاءت عملية الفرز للفروع والتخصصات الدراسية، فاختار محمد الفرع العلمي ، الذي لم يكن له فرع في بلدته آنذاك،وكان موجود ذلك الفرع في بلدة عرابة المجاورة، فأخذ يذهب مع الطلبة إلى المدرسة بواسطة السيارات.
وفي أحداث الإنتفاضة الأولى ،حيث وصلت فعاليتها للقرى والبلدات ،تعرض محمد في إحدى عمليات اجتياح جيش الإحتلال الإسرائيلي إلى حادث سقوط عندما حمله أحد زملائه في المدرسة ، وهرب به بسبب الخوف من عملية الإجتياح، فما كان إلا أن سقطا أرضا في أحد ممرات المدرسة، فأدى ذلك الحادث إلى إصابته بالكتف ،الأمر الذي أدى إلى أن مكث قرابة شهرين أو ثلاثة في منزله، حيث تزامن ذلك مع تعطيل الدوام في المدرسة بسبب أحداث الإنتفاضة،فكانت تلك المرة الأولى التي تعرض بها لإصابة مؤذية في مرحلة المدرسة.
- وصول التيار الكهربائي للبلدة:
في عام 1980م تقريبا، وصل التيار الكهربائي لبلدة كفر راعي؛ الذي كان ينير البلدة حينها من الساعة الرابعة مساءاً حتى الثانية عشرة مساءاً، فكانت من اللحظات السعيدة التي عاشها ، يقول محمد:"كانت حياة الناس قبل مجيء الكهرباء أفضل من ناحية إجتماعية، فكان التآلف بين الناس أقوى"، ولم يكن مجال للناس حينها إلا التحدث إلى بعضهم البعض، وحضور الجلسات التي كانت تجمع الناس إليها ، والإستماع لأحاديث بعضهم البعض، وعند وصول الكهرباء أخذ يظهر التلفاز الذي كانت له بهجة ودهشة في بداية انتشاره بين الناس.
- إهتمامه بالسياسة :
كان محمد منذ صغره مهتما بالسياسة ، وعاش فترة حرب لبنان عام 1982م، حيث كان الناس يتابعون أحداث تلك الحرب، ويقول محمد :"كنا نسمع لتحذيرات الإحتلال الإسرائيلي للمقاومين، والفدائيين في بيروت مطالبين إياهم بتسليم أنفسهم ، وكنا نشاهد قصف الطائرات عبر شاشات التلفزة المتاحة في ذلك الوقت".
ويقول :"كنت أستمع لبرنامج "أحداث الظهيرة"، وكنت أستمع لإذاعة "صوت العرب"، و"بي بي سي"، و"مونت كارلو"،ومن الأمور التي ولدت لديه الإهتمام بالسياسة هو والده الذي توفي فيما بعد، فكان والده في الصباح يستمع لإذاعة "بي بي سي" لمتابعة الأحداث والأخبار وما إلى ذلك، شأنه شأن كبار السن في ذلك الوقت، حيث كانوا يهتموا بالسياسة والأحداث المختلفة التي تجري من حولهم، وكان محمد يهتم ببرنامج كان يبث على تلك الإذاعة، واسمه "السياسة بين السائل والمجيب"، حيث تزود محمد من خلال هذا البرنامج بمعلومات سياسية مختلفة حول العالم، وكان لديه أطلس يتعرف من خلاله على مواقع الدول المختلفة.
- مرحلة الثانوية العامة - 1994م :
في منعطف هام في حياته،حيث مرحلة إنهاء الفترة المدرسية ، والحصول على شهادة الثانوية العامة، عندها تم حذف قاعة الإمتحان التي كان يتواجد بها، وذلك بسبب الغش الذي كان متفشيا في كثير من المدارس، ولم ينجح سوى طالبان اثنان من أصل 93 طالب ، ولم يكن محمد من بين الناجحين، ثم قرر بعد سنة أو اثنتين تحويل تخصصه للفرع الأدبي ، حيث كانت ميوله أدبية.
وأخيرا تكللت مرحلة الثانوية العامة لديه بالنجاح وبتفوق، فقد حصل على معدل 89.1 ،واحتل المركز الأول على الذكور بالفرع الأدبي في منطقة جنين، وأقاموا حفل تكريم للطلبة المتفوقين في جمعية أنصار الطالب في مدينة جنين.
- حجر عثرة في حياته بعد الثانوية العامة :
بعد ذلك النجاح والتفوق الذي ناله محمد، واجهته صعوبة أخرى في إكمال تعليمه و الإلتحاق بإحدى الجامعات، ولكن برزت مشكلة تتمثل بعدم جهوزية تلك الجامعات في ذلك الوقت لاستقبال حالات كحالته، بالإضافة أنه كان قد حصل على منحة تفوق في الثانوية العامة ، وطلب منه إصدار جواز سفر من أجل الإستعداد للذهاب إلى المغرب، والتسجيل بإحدى الجامعات هناك، ولكن كان الرد القاسي بعد ذلك بعدم إمكانية سفره ، وأنه قد حرم من المنحة ، ولكن ما السبب؟ قال محمد :" لا أعرف"، ولكنهم قالوا له أنه بحاجة إلى سكن هناك يلائمه، وبحاجة إلى شخص يرافقه ليرعى شؤونه، فكان ذلك السبب من وراء حرمانه من المنحة التي يستحقها.
وبعد ذلك طرق محمد أبواب عدد من الجامعات الفلسطينية، فمن جامعة النجاح الوطنية إلى جامعة بيرزيت التي سجل فيها ، وانسحب فيما بعد ، فكانت صعوبة وجود وتوافر التجهيزات الملائمة لذوي الإحتياجات الخاصة، هي السبب في عدم إلتحاقه بأي منها، ولكنه سجل بعد ذلك في جامعة القدس المفتوحة التي كانت في بدايتها في ذلك الوقت، ولكنه انسحب منها أيضا ، حيث لم تكن ضمن طموحه، كل ذلك حدث في الفترة ما بين عامي 1994-1996م، حيث كانت بمثابة فترة ضياع بالنسبة إليه.
- جمعية الشبان المسيحيين نقطة التحول :
في أحد الأيام زارت جمعية الشبان المسيحيين من مدينة بيت لحم بلدة كفر راعي التي يقطنها محمد لغاية الآن، وكانوا يهتمون ويبحثون عن الحالات الشبيهة بحالته، فأرشدهم أحد أقرباء محمد إلى بيته، فزاروه وتعرفوا عليه ، وساعدوه كثيرا، فأصبحوا يقدموا له جلسات تأهيل نفسي مرة كل أسبوع أو اثنين.
وفي إحدى المرات عبر لهم محمد عن رغبته بالتعلم في جامعة ما، فطلبوا منه بعد ذلك الذهاب لما أشبه بمهرجان في مدينة بيت لحم ، ولكنه لم يرغب في الذهاب ، ولكن أحدهم شجعه ودفعه بقوة للذهاب مع تلك الجمعية، فمكث قرابة أسبوع في مدينة بيت لحم ، حيث لم يكن معتادا على الغربة ، والبعد عن الأهل، وكان ذلك في صيف عام 1996م، فرجع إلى بيته دون إخبارهم بذلك ، ولم يرض والده عن ذلك التصرف، فبقي قرابة أسبوع في بيته ، ثم عاد لبيت لحم مرة أخرى، والتحق بجامعة بيت لحم ، وأصر على التعلم ، ولم يكن يعلم أن جامعة بيت لحم مجهزة بهذا الشكل الذي يناسب حالته، فأحب حياة الجامعات، وكانت لديه رغبة في التعلم، وأتم دراسته فيها، وحصل على درجة البكالوريوس في علم الإجتماع، مع "ماينر" علم نفس، وفي عام 1998م حصل على كرسي كهربائي متحرك أفضل مما كان بحوزته، وكان ذلك عن طريق أسقف من ولاية "نيويورك"، مما ساهم في تيسير أموره وحياته.
- فرصة أخرى لإكمال تعليمه الجامعي :
بعد البكالوريوس، أتيح له فرصة للحصول على منحة من مؤسسة أميركية، كان قد قرأ عنها في إحدى الصحف ، وكانت الشروط تنطبق عليه في تلك المنحة ،فتقدم لها ، وحصل عليها، فأكمل تعليمه في الجامعة الأردنية، وحصل درجة "الماجستير" في العلوم السياسية التي كان مهتما بها منذ صغره.
وكان من بين شروط وبنود تلك المنحة السفر إلى الولايات المتحدة ، حيث سافر إليها ومكث فيها قرابة شهر في إحدى الولايات هناك ، فأعجب بطريقة الحياة هناك ، وشعر بالفرق الواضح في التعامل مع الحالات الشبيهة بحالته.
وخلال إقامته هناك، أعجب بمشهد رآه بأم عينه لم يشاهد مثل ذلك المشهد في عالمنا العربي إلا في الحرم المكي لدى أدائه للعمرة في إحدى السنوات، حيث رأى كيفية خروج الناس من أحد الملاعب الرياضية هناك الذي يتسع لقرابة 70 ألف متفرج بطريقة منظمة وسلسة، وهدوء دون تدافع أو تزاحم، فتأثر بذلك المشهد الذي لم ينساه منذ ذلك الوقت.
- محاولة لطرق باب الزواج :
لا يشعر محمد أن إعاقته الحركية تسبب له صعوبة في الحياة إلا في جانب الزواج ، فهو يشعر فعلا أن ذلك مشكلة حقيقية له، فقد حاول طرق باب الزواج ،ويقول:"إنه لن تقبل بي أي إنسانة بوضعي هذا"،رغم ذلك لا يعتبر نفسه إنسانا عاجزاً أو معاقاً، بل إنه يحب تحمل المسؤولية كاملة، فهو يقول:"أعتقد أن هذا هو سبب نجاحي بعد فضل الله تعالى"، وهو لا يقارن نفسه بإنسان معاق، بل بأناس عاديين، ولعل هذا ما دفعه للإلتزام بأداء الصلوات الخمس في المسجد ، مفضلا ذلك على القعود والبقاء في البيت.
يعمل محمد ملحم الآن كمرشد تربوي في إحدى مدارس كفر راعي للذكور، رغم أن طموحه أكبر من ذلك ، فكان طموحه وما زال للآن أن يعمل في إحدى الجامعات ويدرس فيها، مع شعوره بأنه يستحق ذلك، ويقول محمد :"الحمد لله أنا راضِ ٍعن وضعي ، ولأني خلقت مع إعاقتي ، فإن تكيفي معها كان أكبر مما لو أنها حدثت لي فجأة"، ويطمح لإكمال مسيرة التعليم لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية إذا ما سنحت له الفرصة بالحصول على منحة، لعدم مقدرته ماديا ًلتحمل تكاليف ذلك، كما يحلم بأن يتزوج يوما ما كأي إنسان له الحق بذلك، ويقول :"أريد أن أعيش الحياة كما أنا".
-----------------------------------------------------------------------------------------
-----------------------------------------------------------------------------------------
تراجع ثم عاد لينفذ "حماقته"بحرق نسخة من القرآن الكريم
تقرير: محمود مطر
"لم أقرأ القرآن الكريم ولكن أرغب في حرقه "،كلمات صدرت عنه في شهر أيلول الماضي ،حيث فجر قضية جديدة تمس كل المسلمين على وجه الأرض، القس الأميركي "تيري جونز" هو من بادر بهذه الفكرة،لكن وتحت الضغوط الرسمية وغير الرسمية اضطر للتخلي عن فكرته بحرق نسخة من القرآن الكريم ، حينها قال جونز الذي يتزعم كنيسة بمنطقة جينسفيل بولاية فلوريدا :"إن تراجعه عن حرق المصحف يأتي في مقابل تخلي المسلمين عن بناء مركز إسلامي قرب موقع هجمات 11 أيلول".
وفي 20 آذار من الشهر الماضي، أقدم قس أميركي تحت إشراف القس "تيري جونز" على إحراق نسخة من القرآن الكريم أمام كنيسة صغيرة بولاية فلوريدا على مرأى 50 شخصا حضروا إلى المكان، وقال جونز في مقابلة مع وكالة "رويترز"في الكنيسة التي يقودها ببلدة غينزفيل بولاية فلوريدا الأمريكية: "هدفنا هو التوعية بالعنصر الراديكالي في الإسلام"، كما وضع صورة لنسخة المصحف التي أحرقت على شاشة حاسوبه، وأكد أنه سيمضي قدما في احتجاج يوم 22 نيسان أمام أكبر مسجد في الولايات المتحدة الأمريكية ، والموجود في ديربورن بولاية ميتشيغان.
ودافع "جونز" عن حرق المصحف، معتبراً أن ردة الفعل في أفغانستان تثبت تماما ما نتحدث عنه،وقال" إذا آذاني جاري فذلك لا يعطيني الحق في اقتحام بيته وقتله"، وقال إنه تلقى عدة مئات من التهديدات بالقتل منذ أن تحدث لأول مرة عن حرق المصحف في أيلول من العام الماضي، وهو ما دفعه إلى حمل مسدس وتلقي دروسا في الرماية، وأضاف: " أن الخوف بشأن الأمان في الكنيسة جعل معظم مرتادي الكنيسة يحجمون عن الذهاب إليها"،ولم يقل ما إذا كان ينوي حرق نسخة أخرى من المصحف خلال الاحتجاج المقبل، الذي قال إنه يجب عدم اعتباره هجوما على كل المسلمين ، وقال للمسلمين المسالمين الذين يعيشون في هذا الشارع: " إننا آسفون إذا كانت أعمالنا تسيء إليهم والتي اثق في أنها كذلك، ولكن في نفس الوقت إننا لا نحاول مهاجمتهم، و نحاول أن نوضح اننا ضد هذا العنصر الراديكالي "على حد تعبيره.
وفي ردود الأفعال على هذه الحادثة، فقد خرج مئات الأشخاص بشوارع قندهار جنوب أفغانستان للاحتجاج على إحراق نسخة من القرآن الكريم، وقال مسؤولون يوم السبت الماضي إن عشرة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 83 آخرون في مدينة قندهار بجنوب أفغانستان في ثاني أيام الاحتجاجات على حادثة حرق نسخة من المصحف ، وأدان الرئيس الأميركي باراك أوباما السبت هذه الحادثة ، معتبرا أن هذا العمل الذي تسبب باندلاع أعمال عنف دامية في أفغانستان ينمّ عن "أقصى درجات عدم التسامح والتعصب"،وقال أوباما في بيان أصدره البيت الأبيض:" إن تدنيس أي كتاب مقدس بما في ذلك القرآن عمل من أعمال عدم التسامح والتعصب بشكل كبير، ولكن مهاجمة وقتل أبرياء ردا على ذلك أمر مشين وتحد للأخلاق والكرامة الإنسانية".
----------------------------------------------------------------------------------------
خلال بحث علمي أجراه مجموعة من الطلبة
إكتشاف دودة طفيلية في منطقة الباذان تسبب مشكلات صحية للإنسان
تقرير : محمود مطر
أينما تستقر في جسد الإنسان تسبب له أمراضا ومشكلات صحية مختلفة، هذا هو شأن تلك الحشرة الطفيلية "الدودة " التي كشفت أمرها مجموعة من الطلبة في كلية العلوم في جامعة النجاح الوطنية ، وذلك خلال بحث علمي أجروه في الأشهر الماضية.
وقد أجري هذا البحث العلمي بإشراف الدكتور سامي بدير المحاضر في كلية العلوم، وذلك ضمن أحد المساقات العلمية في تلك الكلية، حيث قامت الطالبة رؤيا ملحم ومجموعة من زملائها الطلبة بهذا البحث، فجمعوا عينة من الكائنات الحية المنتشرة في الطبيعة ، والتي تعرف في بلادنا باسم "الحلزون" ، واحضروا تلك العينة من منطقة الباذان قرب مدينة نابلس، وقاموا بإجراء فحوصات مخبرية عليها ، وتبين لهم أن هذه "الحلزونات" تحتوي داخل أجسامها على دودة تتخذ من تلك الحلزونات وسطا ناقلا لها، فأجروا فحصا على تلك الدودة ووجدوا أنها تسبب أمراضا ومشكلات صحية عدة للإنسان، ووجدوا أيضا أن 75% من تلك العينة من الحلزونات تحمل في أجسامها تلك الدودة، الأمر الذي استرعى اهتمامهم ودفعهم لإكمال البحث.
وحسبما تقول الطالبة رؤيا ملحم ، فإن خطورة تلك الدودة تتمثل في أنها قد تدخل لجسم الإنسان عند ملامسة الجسم لمنطقة تحتوي على سوائل تكون الدودة موجودة في تلك السوائل ، الأمر الذي يسهل عملية اختراق الدودة لجسم الإنسان، وحيث تستقر في أي عضو أو جزء من جسم الإنسان، فإنها تسبب له مشكلات صحية وأمراض عدة من بينها مرض المنشقّة، أو "البلهارسيا"،وهو جنس من الطفيليات من صف المثقوبات شعبة الديدان المسطحة، مسبب لداء البلهارسيات،وتنتشر هذه الطفيليات بصورة رئيسية في أفريقيا حيث يبلغ عدد الاصابات المرضية حوالي 100 مليون إصابة كما تنتشر في بعض الدول مثل مصر ،وسوريا،و تركيا، وإيران،وتخل طفيليات البلهارسيا إلى جسم الإنسان عبر الجلد عندالسباحة في المياه الراكدة الملوثة بتلك الطفيليات. وتخترق تلك الطفيليات الجلد وهي في مرحلة المذنب، وتنضج في نموها إلى مرحلة اليرقة، ثم تتجه نحو الرئة أو الكبد، لتكمل نموها حتى تصل مرحلة البلوغ، ثم تتجه نحو المنطقة التي تفضلها في جسم الإنسان ، فمنها ما يستقر في الكبد، ومنها ما يستقر في الطحال ،أو الرئة ،أو المستقيم ،أو المثانة.
وفي فترة إجراء البحث حاول أولئك الطلبة القيام ببحث ميداني في منطقة الباذان حيث تتركز تلك الحلزونات على منابع ومصادر المياه ،لكنهم وجدوا صعوبات في ذلك الأمر ،وذلك بسبب رفض بعض أصحاب المتنزهات الموجودة في تلك المنظقة السماح لهم بإجراء البحث داخل متنزهاتهم.
وبعد ذلك لاقى هذا البحث استحسان عدد من الجهات التي اطلعت على مضمون البحث، وتوجه القائمون على البحث لوزارة الصحة لعرض الموضوع عليهم، لكن الوزارة رفضت تبني أو اتخاذ أي أمر بشأن البحث قبل أن تتم الموافقة عليه من قبل الجهات العلمية والصحية المختصة في العالم ذات المستوى الأكثر تقدما ، وقد تم نشر هذا البحث في مجلتين علميتين في إحدى الدول الغربية ، وذلك بعد ما تبنت إحدى الجهات الفرنسية المتخصصة هذا البحث خلال عرضه في معرض علمي أقيم في كلية العلوم قبل بضعة أشهر، ومن المنتظر أن يتم تعميم الموضوع ونشره في فلسطين خلال شهر حزيران القادم ، وذلك بعد ما تمت الموافقة على البحث من قبل الجهات المختصة في دول أخرى،وذلك حسبما أفاد به القائمون على البحث.
______________________________________________________________________________________________
ميدان التحرير مكان البداية لنهاية حكم مبارك
تقرير: محمود مطر
صورة مأخوذة عن شبكة الإنترنت
ثمانية عشر يوما هي المدة الزمنية التي استغرقتها الثورة المصرية حتى تحقق أهم مطلب من مطالبها،فقد سقط مبارك ،ولم يعد رئيسا لمصر بعد اليوم، وانتهى حكمه بذلك، وكان ميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية القاهرة هو ساحة المعركة التي خاضها المصريون من أجل المطالبة بحقوقهم ، والتعبير عن آمالهم ورغباتهم ،هذا الميدان الذي أذيع صيته في مختلف أقطاب الأرض قد أصبح محل أنظار العالم.
فمنذ الخامس والعشرين من كانون الثاني الماضي ،اتخذ المصريون المعتصمون هذا المكان مقرا لهم ،ففقد لبثوا فيه ليلا ونهارا ،وعاشوا فيه جزءا من حياتهم ،فلم يكن مجرد مكان لرفع مطالبهم و إسماعها للعالم فحسب، بل كان بمثابة منزل لدى كل منهم،ففي هذا المكان طالبوا وتظاهروا وناموا واستيقظوا،وفيه استشهد عدد منهم وجرح آخرون،وفيه أقاموا صلاتهم وتضرعوا لله أن يحقق رجاءهم،وفي ذات المكان عقد قران أحدهم،وفيه صنعوا فكاهة رغم ما هم فيه ،كاللافتة التي رفعها أحدهم وكتب فيها:"إرحل ،مراتي وحشتني متزوج منذ 20 يوما"،وفي هذا المكان أيضا تلقوا خبر تنحي رئيسهم وسقوط نظامه، وفيه احتفلوا بذلك وما زالوا.
أنشىء ميدان التحرير في فترة حكم الخديوي إسماعيل لمصر ما بين عامي 1863-1879م، وقد سمي في البداية باسم "ميدان الإسماعيلية "نسبة إليه، وتحول اسم الميدان من الإسماعيلية إلي التحرير بعد أحداث ثورة 1919م نسبة لتحرير الشعب المصري، وقد تردد حول ذلك العديد من الرويات ومنها ما قامت به هدى شعراوي أثناء الثورة بخلع نقابها ونقاب النساء الذين شاركوا في الثورة من داخل الميدان، ومن هنا انطلقت التسمية نسبة لما يسمى بتحرير أو تحرر النساء، حيث انطلقت تلك الدعوات التحررية بقيادة قاسم أمين .
وعلى رأس الروايات التي تدور حول تسمية الميدان، تلك التسمية التي أطلقت عليه بعد ثورة عام 1952م، حيث سمي بميدان التحرير نسبة لتحرير البلاد من الفساد، والتي قادها الظباط الأحرار لإسقاط النظام الملكي في مصر.
ولم تكن ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني الماضي هي الإحتجاجات الأولى التي يشهدها الميدان، بل كثيرا ما كان ملتقى للتعبير عن الرأي والحرية، وكان أبرز تلك الإحتجاجات " ثورة الخبز " التي اندلعت في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1977م لمطالبته بالعدول عن رفع الدعم عن المواد الأساسية.
يحاكي الميدان في تصميمه ميدان "شارل ديجول" الذي يحوي قوس النصر في العاصمة الفرنسية باريس، ويعتبر ميدان التحرير من الميادين القليلة في القاهرة ذات التخطيط الجيد الفريد، إذ يتفرع منه وإليه على شكل شعاع عدد ليس بالقليل من أهم شوارع وميادين العاصمة المصرية القاهرة، منها شارع البستان الذي يوجد فيه أهم مراكز التسوق في وسط القاهرة، بالإضافة إلى العديد من المصارف ومؤسسات الدولة مثل وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية ، ومن تلك الشوارع أيضا شارع محمد بسيوني، وشارع طلعت حرب، والتحرير وشارع القصرالعيني، وشارع شامبليون، وشارع قصر النيل، وميدان طلعت حرب، وميدان الشهيد عبد المنعم رياض، وميدان محمد فريد.
ويقع في محيط الميدان تسعة مقرات وزارية، أهمها وزارة الداخلية، ورئاسة مجلس الوزراء، ووزارة العدل، ووزارة التضامن الإجتماعي، ووزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى المقر الرئيس للحزب الوطني الحاكم سابقا، الذي تم إحراقه في بداية الإحتجاجات،بالإضافة إلى العديد من الأماكن المشهورة في مصر كالمتحف المصري، والجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومجمع المصالح الحكومية المعروف بمجمع التحرير، ومقر جامعة الدول العربية، والقصر القديم لوزارة الخارجية المصرية، ومسجد عمر مكرم، كما يوجد أسفل أرض الميدان أكبر محطة "مترو" أنفاق في القاهرة وهي محطة السادات ، التي تعتبر نقطة رئيسية لالتقاء خطي "مترو" الأنفاق في القاهرة.
ويشار أن ليس هناك معلومة محددة عن مساحة الميدان، ولكن المعلومات المذكورة في بعض الدراسات تشير إلى أن مساحة ميدان التحرير بما فيه ميدان عبد المنعم رياض والشوارع المحيطة به، ترجح أن تكون 40 ألف متر مربع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق